يخطئ من يعتقد أن روسيا البلشفية تعيش في ظل النظم الشيوعية؛ والحقيقة أنها لا تكاد تطبق اليوم نوعاً من اشتراكية الدولة أو الاشتراكية المخففة؛ وقد اقتنع البلاشفة بعد تجارب شائكة أن الحياة الاقتصادية والاجتماعية المنظمة في ظل الشيوعية ضرب من الخيال. ومما يدل على أن روسيا السوفيتية تعود شيئاً فشيئاً الى النظم الفردية، أن الحكومة البلشفية قد أصدرت أخيراً قانوناً جديداً بتحديد ملكية الأراضي في مختلف الولايات الروسية، ولاسيما في جمهوريات التركمان وأزبكستان وأزربيجان وقازاقستان، وبعض مناطق سيبريا الزراعية، وفيه تفصيل لما يمكن أن يملكه المزارع من الأرض أو الماشية لاستعماله الشخصي؛ والقانون الجديد يتحدث عن وضع اليد والحيازة فقط، على أن تلحقه قوانين أخرى بتثبيت الملكية متى استقر تقسيم الأراضي نهائياً. وليس القانون جديداً في الواقع، فان المزارع (الكولاك) يتمتع منذ أعوام بحق ملكية حديقته وبعض الماشية، ولكن القانون الجديد يزيد في نسبة الملكية إلى حدود لم تعرف من قبل في ظل النظام البلشفي، هذا فضلاً عما يتضمنه من الوعد بتثبيت الملكية وتطمين المزارعين بذلك على مصير أراضيهم ومواشيهم. وبمقتضى هذا القانون يصبح للمزارعين في سيبيريا الحق في امتلاك أرض تبلغ مساحتها إلى هكتار واحد حسب منطقة الأرض، وفي امتلاك الماشية من خمسين رأساً من الرندير إلى مائتي رأس، ومن الكلاب ما شاء. وفي جمهوريات أزربيجان وأزبكستان وما إليها يستطيع المزارع أن يمتلك من ٢٠ إلى ٣٠ في المائة من الهكتار أرضاً زراعية، ومن الماشية جواداً وحماراً وخمس عشرة إلى ثلاثين رأساً من الغنم
وفي هذه القوانين الجديدة دليل قاطع على ما انتهت إليه سياسة السوفييت من التطور نحو الفلاحين. وقد كان لتنفيذ المشاريع الاقتصادية الجديدة أثر كبير في هذا التطور، لأنها أقنعت زعماء البلاشفة بأن الترويح عن المزارعين وتحريرهم من قيود الإنتاج الإجماعي مما يضاعف أسباب الإنتاج والرخاء الزراعي
أعمدة سبعة من الحكمة
لم يمض على وفاة الكولونل لورنس زهاء أربعة أشهر، ومع ذلك فان آثاره وذكرياته تشغل اليوم فراغاً كبيراً في الأدب الإنكليزي، فقد صدرت أول طبعة جديدة تذكارية من كتابه