للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كأن الشمس طالعة من بين رأسها وكتفيها؛ فاستأذن عليها في مجلس غنائها الصيرفي الملقب بالماجن، فلما أذنت له دخل فأقعى بين يديها، ثم أدخل يده في ثوبه فأخرج لؤلؤتين وقال: انظري يا زرقاء جعلت فداك، ثم حلف إنه نقد فيهما بالأمس أربعين ألف درهم. قالت: فما أصنع بذاك؟ قال: أردت أن تعلمي

ثم غنت صوتاً وقالت: يا ماجن هبهما لي ويحك. قال: إن شئت والله فعلت؛ قالت: قد شئت. قال: واليمين التي حلفت بها لازمة لي إن أخذتهما إلا بشفتيك من شفتي. . . .

قال الراوي: ورأيتها قد أذنت لي وأنصتت لكلامي وكأنما كانت تسمعني أعتذر إليها، واستيقنت أن ليس بي إلا الحزن عليها والرثاء لها، فبدت أشد حياءً من العذراء في أيام الخدر. . . . . .

ثم قالت: نعم كان ذلك الزمن سفيهاً ولكنها سفاهة فن لا سفاهة عربدةٍ وتصعلك كما هي اليوم

فنظرت إلي نظرةً لن أنساها؛ نظرة كأنها تدمع، نظرة تقول بها: ألست إنسانة؟ فلم أملك أن قلت لها: تعالي تعالي

وجاءت أحلى من الأمل المعترض سنحت به الفرصة، ولكن ماذا قلت لها وماذا قالت؟. . . .

(لها بقية)

مصطفى صادق الرافعي

<<  <  ج:
ص:  >  >>