للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عينيها في حياء لا يستحي. . .

وأنشأت تتكلم وهي في ذلك تسارقنا النظر كأن في ناحيتنا بعض معاني كلامها. . . .

ثم لا أدري ما الذي تضاحكت له، غير أن ضحكتها انشقت نصفين رأينا نحن أجملهما في ثغرها. . . .

ثم تزعزت في كرسيها كأنما تهم أن تنقلب لتمتد إليها يد فتمسكها أن تنقلب. . . .

ثم تساندت على نفسها كالمريضة النائمة تتناهض من فراشها فيكاد يئن بعضها من بعضها، وقامت فمشت، فحاذتنا، وتجاوزتنا غير بعيد، ثم رجعت إلى موضعها متكسرة متخاذلة كأن فيها قوة تعلن أنها انتهت. . . .

قال الراوي:

ونظرت إليها نظرة حزن، فتغضبت واغتاظت وشاجرت هذه النظرة من عينيها الدعجاوين بنظرات متهكمة لا أدري أهي توبخنا بها، أم تتهمنا بأننا أخذنا من حسنها مجاناً. . . .

فقلت للأستاذ (ح)، وأنا أجهر بالكلام ليبلغها:

أما ترى أن الدنيا قد انتكست في انتكاسها، وأن الدهر قد فسد فساده، وأن البلاء قد ضوعف على الناس، وأن بقية من الخير كانت في الشر القديم فانتزعت؟

قال: وهل كان في الشر القديم بقية خير وليس مثلها في الشر الحديث؟

قلت: ههنا في هذا المسرح قيان لو كانت إحداهن. . . في الزمن القديم لتنافس في شرائها الملوك والأمراء وسراة الناس وأعيانهم، فكان لها في عهارة الزمن صون وكرامة، وتتقلب في القصور فتجعل القصور لها حرمة تمنعها ابتذال فنها لكل من يدفع خمسة غروش، حتى لرذال الناس وغوغائهم وسفلتهم؛ ثم هي حين يدبر شبابها تكون في دار مولاها حميلة على كرم يحملها، وعلى مروءة تعيش بها

وقديماً أخذت سلامة الزرقاء في قبلتها لؤلؤتين بأربعين ألف درهم تبلغ ألفي جنيه. فهل تأخذ القينة من هؤلاء إلا دخينة بملليمين. . .؟

قال الأستاذ (ح): ما أبعدك يا أخي عن (بورصة) القبلة وأسعارها. . . . ولكن ما خبر اللؤلؤتين؟

قال الراوي: كانت سلامة هذه جاريةً لابن رامين وكانت من الجمال بحيث قيل في وصفها:

<<  <  ج:
ص:  >  >>