لا أنا أستطيع أن أمسه ولا أحد يستطيع أن يقول أخذت مني. ثم لا تدفعني إليه إلا فطرة الشعر والإحساس الروحاني دون فطرة الشر والحيوانية، ومتى أحسست جمال المرأة أحسست فيه بمعنى اكبر من المرأة. أكبر منها؛ غير أنه هو منها
قال الراوي:
فإني لجالس ذات يوم وقد أقبلت على شأني من الكتابة وبازائي فتى ريق الشباب في العمر الذي ترى فيه الأعين بالحماسة والعاطفة اكثر مما ترى بالعقل والبصيرة، ناعم أملد تم شبابه ولم تتم قوته كأنما نكصت الرجولة عنه إذ وافته فلم تجده رجلا. . . . أو تلك هي شيمة أهل الظرف والقصف من شبان اليوم، ترى الواحد منهم فتعرف النضج في ثيابه أكثر مما تعرفه في جسمه، وتأبى الطبيعة عليه أن يكون أنثى فيجاهد ليكون ضرباً من الأنثى. . . . - إني لجالس إذ وافت الحسناء فأومأت إلى الفتى بتحيتها، ثم ذهبت فاعتلت المنصة مع الباقيات، ورقصت فأحسنت ما شاءت، وكأن في رقصها تعبيراً عن أهواء ونزعات تريد إثارتها في رجلٍ ما. . . . فقلت لصاحبنا الأستاذ (ح): إن كلمة الرقص إنما هي استعارة على مثل هذا كما يستعرن كلمة الحب لجمع المال. ولا رقص ولا حب إلا فجور وطمع
ثم إنها فرغت من شأنها فمرت تتهادى حتى جاءت فجلست إلى الفتى. . . . فقال الأستاذ (ح) وكان قد ألم بما في نفسها: أتراها جعلته ههنا محطة. . .؟
قال الراوي: أما أنا فقلت في نفسي لقد جاء الموضوع. . . . وإني لفي حاجةٍ أشد الحاجة إلى مقالة من المكحولات، فتفرغت لها أنظر ماذا تصنع، وأنا أعلم أن مثل هذه قليلاً ما يكون لها فكر أو فلسفة؛ غير أن الفكر والفلسفة والمعاني كلها تكون في نظرها وابتساماتها وعلى جسمها كله
وكان فتاها قد وضع طربوشه على يده؛ فقد انتهينا إلى عهد رجع حكم الطربوش فيه على رأس الشاب الجميل، كحكم البرقع على وجه الفتاة الجميلة. . . . فأسفر ذاك من طربوشه وأسفرت هذه من نقابها. قال الراوي: فما جلست إلى الفتى حتى أدنت رأسها من الطربوش، فاستنامت إليه، فألصقت به خدها. . . .
ثم التفت إلينا التفاتة الخشف المذعور استروح السبع ووجد مقدماته في الهواء، ثم أرخت