ففي هاتين المادتين جوهر دستور قناة السويس، وعليهما يستند أنصار الدعاية الإيطالية في القول بأن مصر لا تستطيع إغلاق القناة مطلقاً حتى ولو أعلنت إيطاليا الحرب على الحبشة، واتخذت القناة أثناء الحرب ممراً لأساطيلها وجنودها
بيد أن هنالك في معاهدة استانبول نصاً هاماً تضمنه المادة الثالثة عشرة، وهو أنه (فيما عدا التبعات المنصوص عليها صراحة في مواد هذه المعاهدة، فان ما لجلالة السلطان من حقوق السيادة، وما لسمو الخديو من حقوق بمقتضى الفرمانات لا يمس بأي حال) ففي هذا النص ما يؤيد حقوق السيادة المصرية التي نرجع إليها حق مصر في إغلاق القناة. ذلك أن حقوق السيادة التي كانت للدولة العثمانية على مصر قد آلت إلى مصر ذاتها بمقتضى معاهدة الصلح (معاهدة سيفر) أولا، ثم بمقتضى معاهدة لوزان (سنة ١٩٢٣)؛ فمصر من الوجهة الدولية هي صاحبة السيادة الأرضية على قناة السويس، ولا يحد من هذه السيادة سوى حقوق الامتياز الممنوح لشركة القناة وهي حقوق استغلال تجارية فقط؛ ولكن يحده من الوجهة الفعلية ما تدعيه إنكلترا لنفسها في تصريح فبراير سنة ١٩٢٢ من تحفظات يتعلق أحدها بحق إنكلترا في الدفاع عن الموصلات الإمبراطورية، والقناة في نظر إنكلترا شريان من شرايينها الهامة
وفي وسع مصر أن تدعم حقها في إغلاق قناة، باعتباره حقاً من حقوق السيادة القومية، أولاً بميثاق عصبة الأمم حيث ينص في المادة العشرين على ما يأتي:(يعترف أعضاء العصبة بأن الميثاق الحالي يلغي كل التعهدات أو الاتفاقات الخاصة التي تتعارض مع نصوصه، وتتعهد بألا تعقد في المستقبل أية معاهدة تتعارض مع هذه النصوص)، ولما كان دستور العصبة يقوم على فكرة السلام العام بين الأمم، وعلى مبدأ حسم المنازعات الدولية بالوسائل السلمية، فان هذا الدستور الذي يجعل من قناة السويس وقت الحرب، طريق حرب يزيد في ضرامها وأخطارها، يجب أن يعتبر وثيقة قديمة تنافي روح العصر ونصوص الميثاق. وثانياً بميثاق تحريم الحرب حيث ينص في المادة الثانية منه على أن الدول الموقعة عليه تقرر بأن تسوية المشاكل والمنازعات الدولية أيا كان نوعها وأسبابها يجب ألا يعالج إلا بالوسائل السلمية ومصر طرف في هذا الميثاق مثل إيطاليا