وبذا أضحت الحياة الإنسانية محفوظة بعاملين: داخلي وخارجي، فردي وجمعي، ومحمية بسلاح الأخلاق والقانون
يجهد الفقهاء والمشرعون أنفسهم اليوم في مناقشة النظرية القائلة بأن الحدود جوابر أو زواجر. ويختلف علماء القانون الجنائي في أثر العقوبة: فطائفة تقول إن الغرض منها إصلاح المجرم، وأخرى ترى فيها القصاص الملائم للمجني عليه، وثالثة تعدها ترضية لازمة لعاطفة الجمهور الثائرة والمعتدى عليها. وما هذه الآراء المتباينة والنظريات المختلفة إلا منطق مهذب ندخله في تقاليد القبائل الهمجية وتعليل منمق نصبغ به خرافات الشعوب الأولى. وهكذا تسير الإنسانية من الخيال إلى الحقيقة، ومن بحر الخرافة العميق إلى صخور العقل الثابتة، ومن الخارق للعادة إلى الطبيعي، ومن المسلم به إلى المنطقي