ولا في مكانها ولا في أسبابها، وقد فتحت الباب الذي كان مغلقا في قلبها على الخفر والحياء، وحولت جمالها من جمال طابعه الرذيلة إلى جمال طابعه الفن، وأشعرت أفراحها التي إعتادتها روح الحزن من أجلنا فأدخلت بذلك على أحزانها التي إعتادتها روح الفرح بنا
من ذا الذي يعرف أن أدبه يكون إحساناً على نفس مثل هذه ثم لا يحسن به؟
تتجدد الحياة متى وجد المرء حالةً نفسيةً تكون جديدةً في سرورها. وهذه المرأة المسكينة التي لا يعنيها من الرجل من هو؟ ولكن كم هو. . .؟ لم تر فينا نحن الرجل الذي هو (كم) بل الذي هو (من). وقد كانت من نفسها الأولى على بعد قصي كالذي يمد يده في بئر عميقة ليتناول شيئا قد سقط منه؛ فلما جلست إلينا اتصلت بتلك النفس من قرب، إذ وجدت في زمانها الساعة التي تصلح جسر على الزمن
قال الراوي: كذلك رأيتها جديدة بعد قليل، فقلت للأستاذ (ح): أما ترى ما أراه؟
قال: وماذا ترى؟ فأومأت إليها وقلت: هذه التي جاءت من هذه. إن قلبها ينشر الآن حولها نورا كالمصباح إذا أضيء، وأراها كالزهرة التي تفتحت؛ هي هي التي كانت، ولكنها بغير ما كانت
فقالت هي: إني أحسبك تحبني؛ بل أراك تحبني؛ بل أنت تحبني. . . لم يخف على هذا منذ رأيتك ورأيتني
قلت: هبيه صحيحا فكيف عرفته ولم أصانعك، ولم أتملق لك، ولم أزد على أن أجيء إلى هنا لأكتب؟
قالت: عرفته من أنك لم تصانعني، ولم تتملق لي، ولم تزد على أن تجيء هنا لتكتب. . .
قلت: ويحك لو كحلت عين (المكرسكوب) لكانت عيناك. وضحكنا جميعاً؛ ثم أقبلت على الأستاذ (ح) فقلت له: إن القضايا إذا كثر ورودها على القاضي جعلت له عيناً باحثة.
قال الراوي: وانظر إليها فإذا وجهها القمري الأزهر قد شرق لونه وظهر فيه من الحياء ما يظهر مثله على وجه العذراء المخدرة إذا أنت مستها بريبة؛ فما شككت أنها الساعة امرأة جديدة قد اصطلح وجهها وحياؤها، وهما أبدا متعاديان في كل امرأة مكشوفة العفة. . .
وذهبت أستدرك وأتأول، فقلت لها: ما ذلك أردت، ولا حدست على هذا الظن، وإنما أنا