ومن رجل يلبس ثوباً متقن الصنع، عليه عباءة جميلة شفافة وعلى رأسه عقال مذهب، أو يلبس بدل الثوب حلة (بدلة) بيضاء وهو حليق اللحية، إلا قليلاً منها يبقيه بمثابة الدلالة على أنه ملتح. . . وهذا هو السوري. وأكثر السوريين في الحجاز موظفون في الوظائف الفنية، وأقلهم تجار
ومن رجل على رأسه عمة ضخمة فخمة كعمائم السلاطين من آل عثمان - يوم كان لآل عثمان سلاطين، وكان لسلاطينهم عمائم - وقد أرخى بين كتفيه عذبة طويلة، وله لحية كثة مستديرة، وشاربان طويلان، أما ثيابه فقميص تحته سراويل بيض، تبلغ الكعبين. . . وهذا هو الهندي
ومن شاب حليق الوجه كله (على الأسلوب الأمريكاني) نظيف الثياب مهفهف قد ائتزر بمئزر (فوطة) لفها على خصره النحيل لفاً محكماً، واجتزأ بها عن السراويلات، وارتدى عليها رداء قصيراً رقيقاً، وربما بلغ ثمن المئزر من هذه المآزر خمسة الجنيهات أو أكثر. . . وهذا هو الطالب الجاوي، وما أكثر هؤلاء الطلاب في مكة
ومن عبد أسود، جعد الشعر، أفطس الأنف، ضخم الشفة، عارٍ إلا من خرقة تستر عورته أو بعض عورته. . . وهذا هو الأفريقي الأسود
ومن. . . ومن أمم ربنا التي لا تعد ولا تحصى
وكان القوم مختلفين في أزيائهم ولغاتهم وأجناسهم، ولكنهم تجمع بينهم هذه القبلة التي قطعوا السباسب، وخاضوا البحار، ليواجهوها، ويقفوا أمامها، ويتعلقوا بأستارها
ثم أقبل الجند، وهم بثياب عربية. قد تمنطقوا عليها بمناطق الرصاص، فاصطفوا من حول الساحة، ثم أقبل الأمير فيصل في موكبه، يحف به طائفة من عبيده الأمناء الأشداء الأوفياء، فصعد إلى الغرفة التي نحن فيها فجلس في شرفتها الكبرى
ثم جيء بالرجل؛ وهو قصير كز ساهم، ما عليه إلا قميص واحد مشقوق الجيب، وكان أصفر قد دمع وامتقع لونه، وغاض من وجهه الدم، مجموعة يداه إلى قفاه، قد مات من قبل الممات. يقوده جندي آخذاً بتلابيبه، حتى إذا بلغ به الساحة خلاه فهوى جاثياً على ركبتيه، فلبث لحظة ما يفتح عينيه من الجزع، ثم ارتدت إليه نفسه بعد حين، فجعل يقلب عينيه في الناس فيرى كل شيء من حوله ميتاً لا حياة فيه، فكأن الدنيا قد أظلمت في ناظريه حين