وكان الجنرال (ج) قد علم من مصدر سري أن المركيز يحاول أن يوقد مشعل الثورة لنصرة فرناند السابع، ولذا أرسل مرشاند ليعسكر في مدينة (مندا) حتى يكون على علم تام بما ينويه الثوار، ولكي يخمد أي حركة يقومون بها ضد الفرنسيس، وفي ذلك الوقت وصلت إشارة بأن المركيز يتصل سراً بالإدارة الإنكليزية في لندن، وليس من البعيد أن يرسل الإنكليز مدداً؛ ومما حير لب فكتور مارشاند أن المركيز قد استقبله وعائلته استقبالاً لا يدل إلا على منتهى الهدوء؛ ووقع بين أمرين، إذ كيف يوفق بين هذا الهدوء الذي يتجلى في المركيز وأعماله، وبين إشارة الجنرال من وجود مفاوضات سرية؟ ولكن سرعان ما تلاشت هذه الخواطر من ذاكرته، حينما مد بصره إلى الأمام، فأبصر عدة مصابيح مضاءة في المدينة، مع أنه أصدر أمره، بأن تطفأ الأنوار كلها في ساعة معينة، على رغم أن الليلة ليلة عيد ميلاد القديس سنت جون، ولم يسمح بالإنارة إلا للقصر فحسب، ومما أحال الشك يقيناً عنده، وبأن هناك يداً تعمل في الخفاء أن رأى ساريات عدة مراكب وسط مياه البحر، تحت أضواء القمر الفضية. وبينما هو سابح في تيار التفكير العميق إذ سمع وقع أقدام خلفه، ولما تبينه وجده أحد رجاله يلهث، وحين رآه قال له:
- أهو أنت يا سيدي الضابط؟
- نعم هو أنا. . . ماذا تريد؟
- إن هؤلاء الوحوش يزحفون زحف الديدان
- ثم ماذا؟
- لقد رأيت رجلاً يخرج من القصر وفي يده مصباح مضاء، وهذا مما أثار الشك في نفسي، وبعثني على أن أقتفي آثاره، وأظل قريباً منه جهد ما أمكنني؛ أجل! قد يكون مسيحياً محافظاً على التقاليد، غير أن الحالة التي هو فيها، ومخالفة أمرك، كل ذلك مما يجعل الشك يحوك في نفسي. وثم أمر آخر يا سيدي الضابط، ذلك أني اكتشفت على قيد خطوات منك، عرمة من الحطب
ولم يكد الجندي يصل إلى هذا الحد من الكلام حتى دوت في المكان صرخة صدعت السكون العميق، وانفجرت قنبلة أودت شظية منها بالجندي لساعته، واندلع لهيب النيران على بعد عشر خطوات فحسب، من الضابط الذي أسقط في يده، وتبين له أن في الأمر