أقبلت أمه متكئة على ذراع الكاهن، ونظرت إليه نظرة الوداع ممزوجة بأحر الألم، فما رآها حتى تنبهت حواسه الخامدة وثار غاضباً، وقال:
- (إن ثدييها هذين قد أرضعاني صغيراً)
فانتفض الجميع، حين سماعهم هذا، وانتزعت تلك الكلمات صرخة الفزع من قلوبهم جميعاً، وسكنت ضحكات الضباط، وعرفت المركيزة وقتئذ أن شجاعة جوانيتو ولت، ولم يعد ذلك القوي، فجمعت ما تبقى من شجاعتها المبعثرة، ثم قفزت من فوق قمة المنحدر فهوت إلى القاع، وقد مزقتها الصخور الجاثمة في أسفله شر ممزق، فهتف الجمهور المشاهد هتاف الإعجاب، أما جوانيتو فقد رقد مسجى مغمى عليه، فحملوه إلى الخارج حيث عاش وقد أسموه (الجلاد)