شخصي لملك البلجيك وهي التي أضحت في يومين مستعمرة عظيمة تملكها دولة أوربية صغيرة هي البلجيك
على أن قرارات مؤتمر برلين لم يكن لها أثر فعلي ظاهر فيما تلا من تقسيم إفريقية. وكانت فرنسا قد وضعت يدها على الجزائر وتونس والسنغال، ووضعت إنكلترا يدها على مصر، ومنطقة الرأس (الكاب) وبدأت ألمانيا احتلالها في نفس الوقت للكمرون وتوجولاند وشرق إفريقية؛ ولم يكن ثمة بد من أن تتفاهم هذه الدول الاستعمارية الكبرى فيما بينها بمعاهدات واتفاقات خاصة على تحديد المناطق التي تطمح كل إلى امتلاكها، وكانت كل دولة قد شادت بما احتلته أسس إمبراطوريتها الاستعمارية في إفريقية. وكانت فرنسا أنشطها في بناء هذا الصرح الاستعماري، فلم تأت أواخر القرن التاسع عشر حتى كانت قد احتلت معظم إفريقية الغربية، واستولت على السنغال وأعلي النيجر، وساحل العاج، وداهومي، ونفذت في قلب إفريقية إلى السودان الأوسط حتى بحيرة تشاد، ووطدت أقدامها في الشمال في تونس والجزائر، وافتتحت جزيرة مدغشقر في سنة ١٨٩٥
أما إنكلترا فإنها وطدت أقدامها في وادي النيل، في مصر والسودان، وفي شرق إفريقية البريطاني، واحتلت زنجبار، وأخذت في بناء إمبراطوريتها الاستعمارية العظيمة في أواسط إفريقية وجنوبها. وكانت منذ أوائل القرن التاسع عشر قد احتلت منطق الرأس (الكاب) كما قدمنا، وكان البوير (وهم سلالة المستعمرين الهولنديين الأوائل) قد استقروا في منطقة (الأورانج) وفي (ناتال)، فاستولى الإنكليز على ناتال، وهاجر البوير منها، وأسسوا لهم مستعمرة جديدة هي (الترنسفال) واعترفت إنكلترا باستقلالها سنة ١٨٥٢، ولكن إنكلترا ما فتئت تبسط سلطانه نحو الشمال تباعا، فاستولت على أرض الكفر وباسوتولاند؛ وفي أواخر القرن التاسع عشر أنشأ سسل رودس شركة استعمارية على مثال الشركة التي أسست من قبل في الهند، وعضدت الحكومة الإنكليزية مشروعه في فتح الأراضي الواقعة حول حوض الزمبيزي وأمدته بالمال والجند، وهكذا افتتحت روديسا، وأصبحت إنكلترا تسيطر على أواسط إفريقية الجنوبية من منابع الكونغو حتى الكاب، ولم يبق خارجا عن سلطانها سوى الترنسفال ومستعمرة الأورانج حيث استقر البوير. وكانت إنكلترا تطمح دائماً إلى ضم هاتين المستعمرتين إليها لتوحد إمبراطوريتها في إفريقية الجنوبية، وكان