وانتهت بتقسيم إفريقية، وسقوط أقطارها تباعا في يد الدول الاستعمارية الكبرى
ولما استقرت فرنسا في الجزائر أخذت تتطلع إلى تونس ومراكش؛ وكانت تونس بما يسودها من الضعف والتفكك فريسة هينة، فما زال الفرنسيون بها حتى جردوا عليها حملة غازية في سنة ١٨٨١ ثم جردوا عليها أسطولا رسا في بيزرت، وزحفوا على تونس في مايو سنة ١٨٨٥ وأرغموا (الباي) صاحب تونس على أن يعترف بالحماية الفرنسية على القطر التونسي. أما مراكش فقد استطاعت لمنعتها ووعورتها أن تقف في وجه الاستعمار مدى حين، وعاونتها السياسة الألمانية على مقاومة فرنسا وإحباط محاولاتها حتى أوائل القرن الحالي
وفي الوقت الذي سقطت فيه تونس في يد الفرنسيين كانت إنكلترا قد نظمت مشروعها لاحتلال مصر، وألفت فرصتها في اختلال الأحوال المالية، وفي قيام الثورة العرابية، فبعثت حملتها المعروفة إلى مصر في صيف سنة ١٨٨٢، واحتلت عاصمتها في سبتمبر، في ظروف مازالت معروفة ماثلة في جميع الأذهان، ومازال الاحتلال الإنكليزي قائما في مصر، ومازالت المسألة المصرية تنتظر حلا شريفا عادلا يحقق أماني مصر في استرداد حرياتها واستقلالها
ومنذ منتصف القرن التاسع عشر كانت البعثات الاستكشافية العديدة قد ألقت برحلاتها ومباحثها كثيرا من الضياء على إفريقية ومجاهلها ووهادها الغنية، وثرواتها الطبيعية، المتنوعة، ولم تمض أعوام أخرى حتى اكتشفت منابع أنهارها العظيمة مثل النيل والنيجر والكونغو، وحققت مجاريها وأحواضها، وأخذت روعة الثروات العظيمة التي اختصت بها القارة السمراء تحفز الاستعمار الأوربي وتذكي أطماعه، واشتدت المنافسة بين الدول الكبرى لاقتسام هذه الأقطار الغنية واحتلالها. عندئذ اتفقت الدول على عقد مؤتمر ينظم اقتسام إفريقية، ويحدد مناطق النفوذ والنشاط لكل دولة، وكان بسمارك المستشار الألماني هو صاحب الفكرة، فعقد المؤتمر في برلين في أواخر سنة ١٨٨٤، واتفق على أن تكفل الحرية التجارية المطلقة لجميع الدول في حوض الكونغو، وأن تكفل حرية الملاحة في نهري النيجر والكونغو، وألا يعتبر الاحتلال النظري قائما في منطقة من المناطق حتى يؤيد بالاحتلال الفعلي، واعترف المؤتمر أيضا بقيام دولة مستقلة في الكونغو وأنها ملك