شرارة من نار، وبقي معتصما بمكانه العالي، يهزأ من فعل النار ولا يبالي! وقال الناس:(حقا تلك إحدى المعجزات!)، مضى على هذا الحادث مائة سنة وعشر سنين حتى كان عام ١٩٣٤، وإذا بالدير وبيعته تندلع منهما النار، لا يعرف لها سببا، ولا يصد لها لهب، وأصبح الناس فما وجدوا إلا هشيما تذروه الرياح. وفزعوا يحاولون إنقاذ بعض ما حوى الدير من تحف ونفائس فأنقذوا شيئا قليلا. وبحثوا عن كتاب إبراهيم إلى الأحبار وصورة كتاب الأحبار إلى إبراهيم فإذا النار لم تبق على واحد منهما. وماذا تغني كتب القواد والأحبار، إذا حم القضاء واشتعلت النار؟ أليس حديث الراهب لذيذا وعجيبا؟)
قلت:(وأعجب ما فيه هذه النار: أشعلها بالأمس إبراهيم فكانت على الدير بردا وسلاما، وأشعلها اليوم القدر فتركته حطاما.)