للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أنتوني: أيها الأخوان. أيها الرومان. بني وطني. أعيروني أسماعكم فإني ما جئت للتمدح بقيصر ومناقبه، ولكن لأواريه لحده وأهيل عليه التراب. فقد جرينا على أن ما يعمل الإنسان من شر يخلفه، وما يعمل من خير يرمس معه في غمار الرمم ولفيف الرفات، وهذا شأن قيصر معنا اليوم نتناسى مناقبه ونعدد معايبه. قال لكم بروتاس وهو رجل الشرف الصميم: إن قيصر طماع فان كان كذلك كان ذنبه يوجب الأسى والأسف كما كان جزاؤه أدعى للحزن والشجن، إني أقف بينكم الآن في جناز قيصر بإذن من بروتاس وهو رجل النبل والفضل وبإذن من زملائه الآخرين وكلهم مثله أجلاء نبلاء، ولكن قد كان لي في قيصر صديق حميم وبر كريم، لم أعهد فيه الطمع الذي يرميه به بروتاس رجل الفضل والشرف، أتاكم قيصر بالأسرى مكبلين فملأت دياتهم بيت المال، فهل كان في عمله هذا ما ينبئ عن طمع. كان قيصر يبكي شفقة ورحمة كلما ذرفت الفقراء دموع الفاقة والإملاق، وعهدي بالطماع أخشن طبعا وأغلظ كبدا، ولكن بروتاس يقول انه طماع وبرتاس كما تعلمون رجل الفضل والشرف. ألم تروا إني عرضت عليه التاج ثلاث مرات في (لوبركال) فكان يرفضه في كل مرة؟ فهل كان هذا لطمع فيه؟ ومع ذلك فان بروتاس يقول انه طماع، وبروتاس رجل الفضل والشرف. لا أريد أيها السادة أن أدحض دليل بروتاس ولا أن أقارعه الحجة بالحجة، وإنما أنا أقول ما أعرفه من الحق الصراح. لقد كنتم كلكم تحبون قيصر حباً جماً فهل كان ذا من غير داع وبلا مسوغ؟ إذن ما الذي يمنعكم الآن أن تقيموا عليه شعار الحداد؟ يا للعدالة! لقد أويت إلى قلوب الوحوش الضارية فغادرت الإنسان جباراً عتياً فاقد الرشد والصواب. عفواً سادتي إن قلبي مدرج مع قيصر في أكفانه فأمهلوني حتى يرتد إليّ.

<<  <  ج:
ص:  >  >>