للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يملك. وحذره صحبه من المخاطرة بنفسه في هذا الطريق الشائك، ولكنه لم يعرهم التفاتة واحدة، بل دهن نفسه بالطيب الكهنوتي المقدس، ولبس مسوحه، وعقد زناره، وتناول مسبحة أبوللو العظيم، ثم توكأ على عصاه العتيدة، وذهب يتهالك على نفسه، ويتعثر في خطاه، حتى كان تلقاء المعسكر الضخم

وسأل عن خيمة القائد العام، فقيل له إنها هي الفسطاط الأكبر الذي تبدو قبته هناك. . . . هناك عند شاطئ الهلسبنت، بين الجيش وبين الأسطول

وانطلق الكاهن الجليل والدمع ينحدر من قلبه قطرات من الدم. . . عن طريق عينيه، فيعلق بلحيته البيضاء، فيصبغها بأرجوانه، كأنه آية السماء الباكية، نذيرا لهذه القلوب القاسية، والغزاة الأقوياء!!

وبلغ الفسطاط بعد لأي. . .

واستأذن على القائد العام فلم يؤذن له. . . . فاستأذن ثانية فهدد بالضرب وبالعقوبة!. . . ولكنه أب مفئود، وحزين منكود، فتنظر قليلا واستأذن في أدب ولين واستكانة، فأذن له. . . .

ووقف أمام القائد الأكبر واهي الجسم موهن القلب، محزونا متصدعا، وحاول الكلام فكانت العبرات تخنقه، والأسى يعقد لسانه، والنار المندلعة في رأسه تنسيه كل شيء

وثار به أجاممنون!

لأنه على ما يبدو فوت عليه لذة طارئة، وسكرة مواتية، بمجيئه في تلك اللحظة الهانئة القريرة، وإلحافه الشديد بضرورة لقاء القائد. . . .

واحتشد القادة ورؤساء الجند حول فسطاط القائد، وسمعوا إلى الكاهن الكبير يقول:

(مولاي!

سعيت إليك عائذا بكن داعيا أبوللو العظيم لك، أن يفيء عليكم من النصر والفتح المبين، وأن يهبكم من الرعاية والمنن ما تشتهي أنسكم، وتقر به أعينكم، وما تترفعون به عن ظلم الضعفاء، والجور على الملهوفين، فقد يغني القليل الذي ترضى عنه الإلهة، عن الكثير الذي يثير سخطها، ويستنزل غضبها. .

ابنتي يا مولاي!

<<  <  ج:
ص:  >  >>