هل سمعت يا رب النور!؟ أرأيت إلى ذلك العاتي المتجبر كيف ثار بقديسك الضعيف المسن الذي أحنت ظهره السنون في عبادتك، والصلاة لك، والتسبيح من أجلك، والهتاف باسمك.!؟
ألا فلتنتقم لعبدك يا أبوللو العظيم، وليحل على الطغاة غضبك، ولتسحتهم بعذاب واصب، ليس له من قدرتك من دافع. . .
أبوللو. . .!
استجب يا رب الهيكل الخالد، وحامي المعبد الأمين!!. . .)
وسقط الكاهن أمام المذبح ينتحب، والشموع الموقدة تذري دموعها معه!
فثار في عليائه أبوللو. . .!
انتفض الإله العظيم انتفاضة رجف من هولها الأولمب، ورف في السماء كأنه سحابة مظلمة في ليل بهيم؛ وفوق كاهله الكبير قوسه الفضي المرنان، وعلى ظهره كنانته الواسعة الشاسعة، يسمع لسهامها صليل أي صليل. . . وأشرف من سمائه المضطربة على سفائن الأسطول المطمئن، وما هو إلا أن تميزها حتى عبس وبسر، ووتر قوسه فانهمرت منها سهام كالمطر، صبها على السفن حاملات الخيل والبغال أولا، ثم لوى فأصلى سفائن الجنود وابلا منها بعد ذلك. . . فلا تسمع إلا أنينا وبكاء، ولا ترى إلا صرعى يضجون ويعولون، ولا تحس إلا زفير جهنم وشهيقها يأخذ القوم من هنا وهنا فيقعون إلى أذقانهم سجدا وبكيا. . .
أمطر يا طعون. . .
ولا حنانيك يا أبوللو. . .
واستمر هذا البلاء تسعة أيام طوال كأنها دهر بأكمله. . .
وفي اليوم العاشر أوحى إلى أخيل أن يدعوا مجلس الجيش ليرى رأيه في هذه النكبة التي دهتهم بها ميازيب السماء. فلما التأم شمل القادة، اجتمع الرأي على أن يذهب كالخاس فيستوحي أربابه لتكشف هذه الغمة، أو ليرى بماذا ترضى من التضحيات والقرابين!
وعاد كالخاس، كعادته كلما حمل أخبار الشؤم من لدن أربابه كاسف الوجه، كالح الجبين، يحبس في صدره شجون الأرض، وهموم السماء!!