(خريسيز تعود إلى أبيها القديس، وإلا فتلك مقابركم جميعا فوق هذا الشاطئ المظلم، المضرج بدمائكم، ودماء أعدائكم. . .!)
(هكذا تتفق كلمة الإلهة من أجل أبوللو. . . فويل لنا جميعا إن لم نهدئ ثورة صاحب القوس، ورب النور، وسيد الشمس.!)
(اسجدوا لأبوللو، واخشعوا. . .)
ونهض القوم من صلاتهم مشدوهين لا يحيرون، ينظر بعضهم إلى بعض، ولا تنفرج شفة بكلمة، ولا يتحرك لسان بقول!
ولكن أخيل شعر في صميمه أن القدر يسخره هذه المرة أيضا لتفريج الأزمة، وكشف البلاء، فنهض غير هباب، وأرسل قوله الحق في غير وجل، وصرح بضرورة إرسال خريسيز إلى والدها القديس معززة مكرمة، ثم تقديم القرابين من لحم العجول وشحم الأوعال إلى معبد أبوللو، وإطعام الحاضر من شوائها والباد
وزلزلت الأرض زلزالها، وهوت السماء فوق رأس أجاممنون!
ونشبت ملحمة هائلة بينه وبين أخيل، أوشك البطل أن يغمد سيفه من جرائها في صدر القائد العام، الذي طلب بكل صفاقة أن ينزل له أخيل عن غادته بريسيز:(إذا كان لابد من نزولي عن خريسيز ليسلم الجند من هذا الوباء!! وليسكن غضب أبوللو، وترضى السماء!)
وتأججت نيران العداوة بينهما، ذاك يحرص على فتاته الهيفاء وذاك يحض على إنقاذ الجنود بتضحية الذات وإنكارها في سبيل ما هو أسمى وأرفع، ولكن أجاممنون عمى عن هذا المثل العالي، فتشبث وأصر إلا ما نزل له أخيل عن بريسيز، لينزل هو عن خريسيز!!
وهنا تتننزل الإلهة لتحكم بين الخصمين!
تبدو مينرفا، ربة الحكمة والموعظة الحسنة، رسولا من لدن حيرا، سيدة ربات الأولمب، للبطل أخيل، بحيث لا يراها غيره، فتعظه أن يضحي بفتاته، ما دام هذا الفظ يتأبى إلا أن يكون ذلك. . .