للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الرجل، بمقدار ما يشتريه من المال، أو تعين عليه القوة، أو يسوغه الطيش، أو يجلبه التهتك، أو تدعوا إليه الفنون. فمثل هذه هي حرة حرية سقوطها وما بها الحرية بل يستعبدها التمتع

والثالثة حرية المرأة في انسلاخها من الدين وفضائله، فان هذه المدنية قد نسخت حرام الأديان وحلالها بحرام قانوني وحلال قانوني، فلا مسقطة للمرأة ولا غضاضة عليها قانوناً. . . فيما كان يعد من قبل خزياً أقبح الخزي وعاراً أشد العار، فمثل هذه هي حرة حرية فسادها، وليس بها الحرية ولكن تستعبدها الفوضى

والرابعة غطرسة المرأة المتعلمة وكبرياؤها على الأنوثة والذكورة معاً، فترى أن الرجل لم يبلغ بعد أن يكون الزوج الناعم كقفاز الحرير في يدها، ولا الزوج المؤنث الذي يقول لها نحن امرأتان. . . . فهي من أجل ذلك مطلقة مخلاة كيلا يكون عليها سلطان ولا إمرة. فمثل هذه حرة بانقلاب طبيعتها وزيغها، وهي مستعبدة لهوسها وشذوذها وضلالتها

حرية المرأة في هذه المدنية أولها ما شئت من أوصاف وأسماء، ولكن آخرها دائما إما ضياع المرأة وإما فساد المرأة

والدليل على التواء الطبيعة في المدنية استواء الطبيعة في البادية، فالرجال هناك قوامون على النساء، والنساء بهذا قوامات على أنفسهن، إذ ينتقمون للمنكر انتقاماً يفور دماً وبهذه الوحشية يقررون شرف العرض في الطبيعة الإنسانية ويجعلونها فيها كالغريزة، فيحاجزون بين الرجال والنساء أول شيء بالضمير الشريف الذي يجد وسائله قائمةً من حوله

قال الراوي: وغطت وجهها بيديها وقالت: إنك لا تزال ترجم بالحجارة. . . إن فيك متوحشاً

قلت بل متوحشة. . .

إنك أنت قد تكلمت في، فجمالك الذي يضع الإنسان في ساعة مجنونة ليمتعه بطيشها، فقد وضعنا نحن في ساعة مفكرة وأمتعنا بعقلها؛ وإذا قلت جمالك، فقد قلت وحيك، إذ لا جمال عندي إلا ما فيه وحي

أما قلت: إنك لو خيرت في وجودك لما اخترت إلا أن تكوني رجلاً نابغةً يكتب ويفكر ويتلقى الوحي من الوجوه الجميلة؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>