الرجل، دل على ذلك الحب الذي تنغمس في حمأته الكائنات. فوظيفة الحب - عند الرجل - غيرها - عند المرأة، ومكانة الحب عند المرأة غيرها عند الرجل. فالحب عند الرجل إن هو إلا حادث بسيط أو غريزة ضعيفة. أما الغريزة العنيفة فيه فهي غريزة القوة، هذه الغريزة التي تدفعه إلى بسط سلطانه إلى أقصى ما يقدر عليه. إن مناضلة القوى الطبيعية والقوى البشرية في سبيل تحقيق شخصيته هي ما يتطلب منه عصره وجهوده. فإذا أسلم نفسه إلى الحب، ووهب حياته وأفكاره للمرأة التي يهواها يصبح عبدا مقهورا وجبانا ذليلا، تسلخ عنه الرجولة الحقة والحب الحق
يقول زرادشت (كل ما في حياة المرأة هو لغز، وكل ما في المرأة له حل واحد وهو التوليد) فالحب إذن هو أبرز ما في حياة المرأة، وإنما مجدها وشرفها يدفعانها إلى أن تمثل دور (الأولى) في الحب، وأن تهب كيانها كله جسدا وروحا للرجل الذي تصطفيه، وأن تفتش عن سعادتها في الانسلاخ عن أرادتها الخاصة. يقول زرادشت: إن سعادة الرجل (أنا أريد) وسعادة المرأة (هو يريد!) إن المرأة التي تحب ينبغي لها أن تسلم نفسها إلى الرجل الذي يجب عليه أن يتقبل هذه المنحة. . . هذه هي شريعة الحب التي تجعل بين الرجل والمرأة حاجزا حائلا وفرقا بعيدا. خلقت المرأة للحب والطاعة، وويل لها إذا سئم الرجل من ظفره عليها وألفى أن هذه المنحة حقيرة بالنسبة إليه، وركض يسعى وراء غرام جديد. ينبغي للرجل أن يحكم وأن يحرس. يجب عليه أن يكون قادرا على أن يحيا حياتين، ليحقق سعادته لنفسه، وسعادة من وقفت عليه رجاءها. ولكن تعسا له إذا ضل تحت أثقال هذا العمل، وإذا أدرك حبه وعجز عن إضرام نار هذا الحب، فإن هذا الحب ليحور بغضا، وتنقلب المرأة به عليه، حتى لا ترى فيه إلا موضع ازدراء واحتقار
ولكن جيلنا هذا لن يقبل هذه الآراء. . . فالجيل الذي قدس العبد يجرب أن يؤله المرأة. . . لا يرى في المرأة عنصرا ساميا يستطيع أن يساعد الإنسانية في تقدمها. الرجل وحده يتعلق عليه ذلك لأنه السيد، وهو سيد ذو القوة الراجحة والعقل الأرجح والقلب الأمثل والإرادة الأشد نفاذا. والمرأة قد تكون نبيهة، ذكية تضارع الرجل نباهة وذكاء، تتفهم المسائل وتفصل أمهات الأمور الدقيقة وتحاكم وتجادل ولكن طبيعتها أقل عمقا وأقل غنى من طبيعة الرجل. إنها تبقى دائما طافية على سطوح الأشياء. إنها شيء لا يذكر. . . إنها