يكمل قراءة المقالة. ورنا إلى المسرح معجبا برقص الراقصة الثانية؛ وكانت فنانة رومية مستتركة وافدة من استانبول. وهز رأسه، ثم هز رأسه إذ أطربه صوتها الرفيع العذب وأناشيدها التركية الرقيقة. وانشغلت عنه بكتابة وصفها:
- طويلة بيضاء في صفرة كلون الذهب. . .)
واستمررت في الكتابة غير منتبه إلى ما يجري حولي، نحو ساعة أو أكثر أو أقل، لا أدري. وقبل أن ألقي القلم جانبا رنت في أذني قرقعة أحداثها سقوط أطباق على الأرض، وصرخة صارخ يقول:
- (أنت خاطئ يا أخي! أنت خاطئ ومخطئ كل الخطأ!)
وكان الصارخ سليمان. قلت:(حقا لقد ثار صاحبنا). ورفعت رأسي لأنظر إليه، فألفيته واقفا منفوشا شعر رأسه يعربد، ويقول مخاطبا رجلا غريبا لم أره من قبل، كان واقفا أمامه ينظر إليه نظرة شامت مستهزئ:
- (أنا شجاع، شجاع! لقد طردوني لأنني أبيت أن أخدمهم لتحقيق غاياتهم
هذا حق، ولكنني لم أثر لحرماني من الوظيفة. . . ما أنا بسكران!. . . لست ثائرا لأني أصبحت محروما من الوظيفة يا كامل، بل لأن الوطن يريد رجاله. انظر يا كامل! ويلك! أنا رجل أقابل ألف رجل من هؤلاء المخانيث لو دعت الحاجة؛ وهاكم البرهان:
والتفت إلى صحبه مهتاجا، وكانوا حيارى واجمين ثم قال:
- (رصاصة لأجل الحرية!)
وسرعان ما أخرج من جيبه مسدسا فأطلق رصاصة في الفضاء
وهرع بعض النظارة إليه ليمنعه من الاستمرار في إطلاق الرصاص، وبعضهم إلى باب المرقص لينجو بنفسه، إذ أدرك في هذه الحادثة بادرة للجريمة. وجاء شرطي يعدو ويشق لنفسه طريقا إلى سليمان في الزحام. . . ولم أعد أفهم من الحوادث المتتالية شيئا. . .
- ٣ -
بعد يومين أو ثلاثة ذكرت الصحف:(أن محكمة الجزاء حكمت على سليمان بن محمود وهو موظف سابق معزول، بأن يسجن عقابا له على إطلاق الرصاص من مسدسه وهو سكران في مرقص الهلال)