جسمها الناعم، وأن تحته أشياء غير هذه تعمل عملها وتصنع البارود النسائي الذي سينفجر. . . .
قلت: إذا كان هذا فقبح الله هذه الحرية التي يريدونها للمرأة. هل تعيش المرأة إلا في انتظار الكلمة التي تحكمها بلطف، وفي انتظار صاحب هذه الكلمة؟
قالت: إن هذا حق لا ريب فيه، وأوسع النساء حرية أضيعهن في الناس؛ وهل كالمومس في حريتها في نفسها؟
ولكن يا شؤمها على الدنيا. إنها هي بعينها كما قلت أنت حرية المخلوق الذي يترك حراً كالشريد لتجرِّب فيه الحياة تجاريبها المؤلمة. وماذا في يد المرأة من حرية هي حرية القدر فيها؟
قلت: ولهذا لا أرجع عن رأيي أبداً، وهو أنه لا حرية للمرأة في أمة من الأمم إلا إذا شعر كل رجل في هذه الأمة بكرامة كل امرأة فيها، بحيث لو أهينت واحدة ثار الكل فاستقادوا لها، كأن كرامات الرجال أجمعين قد أهينت في هذه الواحدة. يومئذ تصبح المرأة حرة، لا بحريتها هي، ولكن بأنها محروسة بملايين من الرجال. . . .
فضحكت وقالت:(يومئذٍ) هذا اسم زمان أو اسم مكان. . . .؟
قال الأستاذ (ح): ولكنا أبعدنا عن قصة هذه الحياة، ما كان أولها؟
قالت: إن الشبان والرجال علمٌ يجب أن تعلمه الفتاة قبل أوان الحاجة إليه. ويجب أن تقرَّ في ذهن كل فتاة أن هذه الدنيا ليست كالدار فيها الحب، ولا كالمدرسة فيها الصداقة، ولا كالمحل الذي تبتاع منه منديلاً من الحرير أو زجاجة من العطر فيه إكرامها وخدمتها
وأساس الفضيلة في الأنوثة الحياء. فيجب أن تعلم الفتاة أن الأنثى متى خرجت من حيائها وتهجمت، أي توقحت، أي تبذلت، استوى عندها أن تذهب يميناً أو تذهب شمالاً، وتهيأت لكل منهما ولأيهما اتفق. وصاحبات اليمين في كنف الزوج وظل الأسرة وشرف الحياة. وصاحبات الشمال ما صاحبات الشمال. . . . .؟
قلت: هذا هذا؛ إنه الحياء، الحياء لا غيره. فهل هو إلا وسيلة أعانت الطبيعة بها المرأة لتسمو على غريزتها متى وجب أن تسمو فلا تلقى رجلاً إلا وفي دمها حارس لا يغفل. وهل هو إلا سلب جمعته الطبيعة إلى ذلك الإيجاب الذي لو انطلق وحده في نفس المرأة