لاندفعت في التبرج والإغراء وعرض أسرار أنوثتها في المعرض العام. . . .؟
قالت: ذاك أردت، فكل ما تراه من أساليب التجميل والزينة على وجوه الفتيات وأجسامهن في الطرق، فلا تعدنه من فرط الجمال بل من قلة الحياء
واعلم أن المرأة لا تخضع حق الخضوع في نفسها إلا لشيئين: حيائها وغريزتها
قلت: يا عجباً! هذا أدق تفسير لقول تلك المرأة العربية: تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها. فإن اختضعت المرأة للحياء كفت غريزتها
قالت: وجعلها الحياء صادقة في نفسها وفي ضميرها، فكانت هي المرأة الحقيقية الجديرة بالزوج والنسل وتوريث الأخلاق الكريمة وحفظها للإنسانية
قلت: ومن هذا يكون الإسراف في الأنوثة والتبرج أمام الرجال كذباً من ضمير المرأة
قالت: ومن أخلاقها أيضاً. ألا ترى أن أشد الإسراف في هذه الأنوثة وفي هذا التبرج لا يكون إلا في المرأة العامة. . .؟
قلت: والمرأة العامة امرأة تجارية القلب. فكأن المسرفة في أنوثتها وتبرجها، هذه سبيلها فهي لا تؤمن على نفسها
قالت: قد تؤمن على نفسها، ولكنها أبداً مومس الفكر في الرجال فيوشك ألا تؤمن. وهي رهن بأحوالها وبما يقع لها، فقد يتقدم إليها الجريء وقد لا يتقدم، ولكنها بذلك كأنها معلنة عن نفسها أنها (مستعدة ألا تُؤْمَن). . . .
قال (ح): لكن يقال إن المرأة قد تتبرج وتتأنث لترى نفسها جميلة فاتنة، فيعجبها حسنها، فيسرها إعجابها
قالت: هذا كالقول إن أستاذ الرقص الذي رأيته هنا، ينظر إلى نفسه كما ينظر رجل إلى راقصة تتأود وتهتز وتترجرج. إن هذا الرقاص فيه الحركة الفنية كما هي حركة ليس غير؛ فهو كالميزان أو القياس أو أي آلات الضبط. أما فتنة الحركة وسحرها ومعناها من المرأة الفاتنة في وهم الرجل المفتون بها؛ فهذا كله لا يكون منه شيء في أستاذ الرقص وإن كان أستاذ الرقص
إن أجمل امرأة تبصق بفمها على وجهها في المرآة، إذا محي الرجل من ذهنها، أو لم يطل بعينيه من وراء عينيها، أو لم تكن ممتلئة الحواس به، أو بإعجابه، أو بالرغبة في إعجابه.