للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومن المناقشة الجدلية قول الكميت في الخلافة:

يقولون لم يورث ولولا تراثه ... لقد شَركت فيه بجيلٌ وأرحبُ

ولا انتشلت عضوين منها يُحابرٌ ... وكان لعبد القيس عضو مؤَرّب

فإن هي لم تصلح لحي سواهمُ ... إذن فذوو القربى أحق وأقرب

فيالك أمراً قد تشتَّت جمعُه ... وداراً ترى أسبابها تتقضب

تبدلت الأشرار بعد خيارها ... وجُدَّ بها من أمة وهي تلعب!

ويكاد الكميت بن زيد الأسدي بقصائده الهاشميات يكون الشاعر الفذ لبني هاشم؛ فقد مدحهم واحتج لهم ودافع عنهم بلسان صادق واعتقاد خالص ونفس جريئة وقريحة سمحة. ولما أهدر هشام بن عبد الملك دمه لجأ على ما أُرجح إلى التَّقَّية في شعره على عادة الشيعة، فقال من كلمة يمدحه فيها:

فالآن صرتُ إلى أميّة والأمور إلى المصائر

يا ابن العقائل للعقا ... ئل والجحاجحة الأخاير

من عبد شمس والأكا ... بر من أمية فالأكابر

لكم الخلافةُ والألا - ف برغم ذي حسد وواغر

ومهما يقل الكميت فإن عاطفة شعراء الشيعة ستظل كما قلنا مكظومة بالطمع والخوف حتى تنبجس في عهد بني العباس نفثات غيظ، وحسرات حزن، وعبرات ألم، في شعر السيد الحميري، ودعبل الخزاعي، وديك الجن، ومطيع بن إياس، وأبي الشيص، والعكوّك، وأضرابهم

شعر الخوارج

وأما الخوارج - وجمهرتهم من البدو الجفاة والسذج - فقد قام أمرهم على الصلابة في الرأي، والمكابرة في القول والاشتطاط في الحكم، والتشدد في الدين، والغلو في العبادة، والقسوة في المعاملة، والاعتماد على الحرب. شايعوا عليّا وآزروه حتى قبل التحكيم، فقالوا له: حكّمتَ الرجال ولا حكم إلا لله! ثم خرجوا عليه وأبوا أن يرجعوا إليه إلا إذا أقر على نفسه بالكفر، ونقض ما عاهد معاوية عليه، فأبى عليهم ما سألوا، وأوقع بهم يوم النهروان، فزاد ذلك في حنقهم عليه وخلافهم له فائتمروا به واغتالوه. واستعرضوا أعمال الخلفاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>