الأدب، ودمعة الباكي، وتمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون (وهي غير الرسالة التهكمية التي شرحها ابن نباته) ووصف الهلال وغيرها
أما هذه الرسالة التي نتكلم عنها، فلم أجد من ذكر أنها له، ولكني لا أشك في أنها إن لم تكن له، فلن تكون إلا لأديب كبير، وعالم متمكن، ولغوي محقق، وهي في شرح بيتين من الشعر. . . شرحهما المؤلف شرحاً مستفيضاً، حلاه بالنكات اللغوية والمسائل النحوية، والطرائف الأدبية، والآراء الفلسفية، وزينه بالحكم الباهرة، والأمثال السائرة، واستشهد على كل مسألة من مسائله بأقوال العرب. . . ولكنه - وتلك ميزة هذا الكتاب - تعمّد ألا يأتي إلا بما هو خطأ محرّف عن أصله، معدول به عن جادة الصواب، ممال به عن سبيل الحق: فلا بيت ينسب إلى صاحبه، ولا كتاب يعزى إلى مؤلفه، ولا مسألة تورد على وجهها، ولا بلدة توضع في موضعها؛ وقد أورد ذلك كله بحذق ومهارة، ولباقة وظرف، حتى أن الرجل ليتلوه فيحس لحلاوة ما يقرأ أنه لا يقرأ إلا حقاً وصدقا، وما فيه من الحق والصدق شيء
ولا يقدر على الخطأ الذي لا صواب فيه، إلا من يقدر على الصواب لا خطأ معه. يحتاج كلاهما إلى علم بمواقع الخطأ ووجوه الصواب، وانتباه وفطنة، واطلاع ومعرفة، كيلا يخلط خطأ بصواب، أو صواباً بخطأ. والرسالة على ما فيها من الهزل والتحريف، تدل على طول باع مؤلفها في علوم اللسان، وعلوم العقل، ووقوفه على آراء الفلاسفة، وآثار الأدباء، ومباحث العلماء، ولا تخلو من فوائد
وهي ناقصة من وسطها وآخرها، والموجود منها (٥٣) صفحة، في كل صفحة (١١) سطراً، مكتوبة بخط قريب من النسخي، مضبوط قليل الأخطاء، يدل على علم ناسخه. وليس في الرسالة تاريخ، ولكن ورقها من الورق الذي بطل استعماله من ثلاثة قرون، فكأنها مكتوبة في القرن التاسع أو العاشر