للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وآخر هذه الميزات التي اشتهرت بها الجنيات هي ميزة حماية القبور والأضرحة. فكن يقمن بأعمال ما يسمونه الملاك الحارس. ولا تقتصر مهمتهن على تسلية الميت بل تتعداها إلى حفظه سليماً من الحشرات معافى من الجراثيم. ونرى هذه الخاصية بوضوح في رواية سمبالين إذ يقول (ستقوم نساء الجنيات بحراسة قبره من الحشرات)

أم وقد انتهينا من هذه الصورة الرائعة التي صورها لنا شكسبير فيجدر بنا أن ننظر أكان موفقاً في تصويره أم غير موفق. قال جبسن يصف هذه المحاولة: (إن صورة الجنيات في روايات شكسبير تمثل لنا المرح والسرور والنية الطاهرة ممتزجاً بعضها ببعض تحددها المحاولات الضئيلة التي يقصد منها إيقاع الضرر بالناس. ولا يقصد الشاعر من هذه الصور إلا تسلية قراءه فقط غير محاول إظهار عقيدته الحقيقية، وما هي إلا مخلوقات هوائية تحلق في الفضاء مرفوفة أمام أعيننا)

لا يسهل علينا أن ننكر قط هذا الجمال الظاهر في هذه الصورة النادرة. فقد نجح شكسبير أيما نجاح في إبرازها إلى حيز الوجود بلباس رائع من المرح والسرور؛ ولقد صدق جبسن في وصفه السابق لهذه الصورة من ناحية واحدة وأخطأ في ناحية أخرى، فلقد حكم أن شكسبير لم يقصد منها إلا تسلية قرائه غير معبر عن أية عقيدة من عقائده. وحسبي أن أقول معارضاً هذا الرأي أنه ليس في استطاعة أي شاعر أو كاتب أن يصف عقيدة من العقائد كهذا الوصف الدقيق المسهب دون أن يكون له أدنى تفكير وإيمان بالعقيدة نفسها. فقد اعتقد شكسبير بوجود الجنيات وسمع ما كان يدور على ألسنة أهل عصره من قصص وأساطير جلاها في رواياته مرتدياً رداء من الخيال الواسع والابتكار البديع

الساحرات

من الصور الغيبية التي رسمها شكسبير بدقة تأتي صورة الساحرات في الدرجة الثانية؛ فلم يقتصر ذكرهن على رواية واحدة من رواياته؛ بل تعدتها إلى عدد من الروايات لا يقل عن التي تبحث في الجنيات أهمية وعدداً، ولكنه اختص إحدى هذه الروايات ببحث مسهب مستفيض جعلها قاصرة على هذا النوع من المخلوقات الغيبية، وهذه الرواية هي التي يعدها كثير من النقاد والأدباء أحسن ما كتبه الشاعر ألا وهي رواية مكبث

أما ساحرات شكسبير فيقسمن إلى طبقتين مختلفتين: أولاهما طبقة الساحرات البشريات

<<  <  ج:
ص:  >  >>