اللواتي يوصفن عادة بالذبول. وثانيهما طبقة الساحرات العلويات أو الغيبيات اللواتي امتزن عن أخواتهن بميزات أرقى وأهم
يذكر شكسبير ساحراته الأرضيات في كثير من رواياته العديدة حيث يكون لهنّ شأن ضئيل في مجرى الرواية وهيكلها. فهو يذكر في رواية هنري السادس إحدى هؤلاء الساحرات على لسان تالبوت حيث يقول:(إن بوسيل تلك الساحرة الملعونة قد سببت هذه المصيبة وتلك الأكدار التي لم نتخلص منها في فرنسا إلا بعد لأي)، وقد ذكرهن في رواية أخرى هي رواية (نساء وندسور المرحات) حيث تقول السيدة بيج (دعنا نلبسه ألبسة تشبه ألبسة ساحرة برانيفورد). وقد ذكر هذا النوع من الساحرات في رواية ثالثة هي رواية الملك ريشارد الثالث عندما يخاطبه كلوسستر قائلاً:(إن هي إلا امرأة ادورد تلك الساحرة التي نفثت سحرها في أعمالي فباءت بالفشل)
في جميع هذه الروايات التي ذكرتها نرى الساحرات البشريات يلعبن دوراً بسيطاً، بينما الساحرات السماويات تشغل قسماً أكبر من تفكير هذا الشاعر العظيم؛ فقد اختص رواية مكبث كلها بتحليل شخصياتهن ووصفها وصفاً دقيقاً مسهباً. وقد صدق مستر لويد في كتابته النقدية عن مكبث حين قال:(إن رواية مكبث تشمل الخيال المبدع والمخاوف السحرية، وكثيراً من الخرافات التي كانت تسود أقسام بريطانيا الشمالية والجزر الغربية منها)
وهؤلاء الساحرات لا أسماء لهن فهن يدعين أنفسهن بالأخوات الذابلات كما يتبين لك في مواضع عدة من رواية مكبث وقد كان الناس كثيراً ما يشتبهون فيهن فيحسبونهن رجالاً لما في ذقونهن من لحى كلحى الرجال بينما هنّ في الحقيقة إناث اكتملت فيهن صفات الأنوثة؛ ويظهر هذا جلياً في رواية مكبث عندما يقول مخاطباً آباءهن:(إنكن نساء مع أن لحاكن تجعلني أميل إلى الاعتقاد في رجولتكن)
إن هذا المظهر الذي كان يجمع بين صفتي الرجولة والأنوثة في هؤلاء الساحرات كان سبباً قوياً في ازدياد الشعور نحوهن بالكره والازدراء. وكم كان الناس يودون القضاء عليهن لولا أن في استطاعتهن أن يغيرن صورهن وأشكالهن، فتارة تراهن بصورة قطة من القطط الرقطاء، وطوراً بشكل فأر قد قطع ذنبه، وهذا يتجلى لنا بصورة واضحة في رواية مكبث عندما تظهر إحداهن في بدء الرواية بصورة هرة تدعى كريمالكين وقد