للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وصفت إحداهن نفسها بقولها في ناحية أخرى من الرواية (سأكون بشكل فأرة عارية عن الذنب فأمتطي منخلاً وأسبح في البحر محاولة تخريب السفن وإغراقها)

وتختلف الساحرات عن الجنيات بكونهن عاملاً من عوامل الشر والدمار فهن يحملن في أنفسهن الكره الشديد لبني البشر ويسعين بكل طاقتهن لإيقاع الضرر بالمجموع البشري، وكثيراً ما يستعملن الأعشاب السامة لتنفيذ أغراضهن الشريرة، وكانت لهن ملكة تدعى هكبت اقتصرت أعمالها على إيقاع الآلام بالناس، وقد وصفها لوشيانس في رواية هملت بقوله: (انك لتخلط بين أعشاب الليل وبين الأعشاب الصفراء الذابلة التي جمعتها هكبت لتستعملها في سحرها وفي ذلك تنتهي الحياة البشرية)

وتمتاز الساحرات بأنهن أقوى أنواع هذه المخلوقات المغيبة، فهبوب الرياح والسباحة في البحار كانت من المسائل التي في استطاعتهن القيام بها بكل سهولة، وكان الليل أحب الأوقات إليهن لأنهن يستطعن الخروج فيه بكل جرأة وحرية ويتعاطين ما يشأن في أثنائه. ولنستمع إلى مكبث مخاطباً إياهن قائلاً: (ماذا تعملن أيتها المخلوقات السرية الليلية)

ولم يقتصر زمن ظهورهن على الليل فقط بل كان بإمكانهن التجول أثناء النهار فقد اتفقن في الفصل الأول من رواية مكبث أن يقابلنه قبل مغيب الشمس. وكان في استطاعتهن أن يختفين أو يظهرن حسب إرادتهن. فقد ظهرن لمكبث وبانكو في الفصل الثالث من الرواية لكنهن ما عتمن أن اختفين بعد أداء مهمتهن التي قصدنها وقد استولت الدهشة على بانكو فصاح قائلاً لما اختفين: (إن للأرض فقاعات كما أن للماء فقاعات أيضاً، وهذه المخلوقات هي من فقاعات الأرض، في أي مكان اختفين؟)

حاولت الساحرات إظهار قوتهن وسلطتهن على البشر فصدرت عنهن تلك النبوءات التي تم تحقيقها في نهاية رواية ومبث، وكل ما في هذه الرواية من ابتكار وابتداع يرتكز على محور واحد ذلكم هو النبوءات، ففي بدء الرواية يخبرنه عن المستقبل فيتنبأن بصيرورته سيداً على كادور ثم ملكاً على اسكتلندا، وكلتا هاتين النبوءتين يتحقق، وفي نهاية الرواية يتنبأن بنبوءات جديدة، فيخبرنه أنه لن يصيبه مكروه من إنسان عادي بل من رجل لم تنجبه امرأة، وإن هذا الأمر لن يتحقق إلا إذا انتقلت غابة برنام من مكانها وسارت مسافة لا تقل عن الخمسين ميلاً، وكل هذه النبوءات تتحقق ويتبين صدقها في نهاية الرواية

<<  <  ج:
ص:  >  >>