للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ونظراً لهذه الشرور والآثام التي كان الساحرات يرتكبنها كان الناس على اختلاف مللهم ونحلهم ينظرون إليهن بعين الكراهية والسخط، فكانت لهن عادات مستهجنة غريبة كميلهن إلى الأعداد الغريبة وخصوصاً الثلاثة منها، فلا يخطون إلا ثلاث خطوات عند رقصهن، والقط لا يموء إلا ثلاث مرات؛ وقد اعتقد شكسبير أن السبب الذي حدا بهن إلى هذا الميل الغريب هو اعتقادهن أن الأعداد الغريبة تنبئ عن الحظ الحسن والفال الجيد

وكان العقاب الشديد دائماً في انتظارهن يهدد حياتهن، فكل امرأة كان يشك في كونها ساحرة من النوع الخطر كانت تشد إلى قطعة خشبية مصلبة تتوقف بواسطتها الحركة الدموية، وتتشنج الشرايين فتحدث ألماً شديداً قل أن يحتمله إنسان. وقبل أن تتوقف الحركة الدموية بهذه الطريقة كان الساحرات يربطن لمدة لا تقل عن الأربع والعشرين ساعة حتى تعترف بسحرها. وهناك طريقة أخرى كان الساحرات يعذبن بواسطتها ألا وهي طريقة نزيف الدم بقطع أحد الشرايين

وللساحرات فصل معين من فصول السنة لا يظهرن فيه أبداً، وقد ذكر شكسبير ذلك في رواية هملت بقوله: (يقول البعض إن الفصل الذي ولد فيه السيد المسيح هو فصل سعادة وحبور، ففي أثنائه تظل الطيور مغردة على الأفنان، وتختفي الساحرات والأشباح من عالم البشر). وكان الناس يخافونهن ويسعون في مرضاتهن فيستعيذ المتدينون من الرجال منهن ويبتعدون عن شرورهن وآثامهن

وإني لأعتقد من جرّاء هذا الاهتمام الذي أبداه شكسبير بهن، وهذا التدقيق في البحث في مسألتهن وتصويرهن، أن شكسبير كان يؤمن بوجودهن وقدرتهن الإيمان كله، فقد اعتقد أن لهن من القوة والجبروت ما تستطعن بواسطته إخضاع النوع البشري لسلطتهن وسيطرتهن، وهذا ما أظهره جلياً في كتابته عنهن في كثير من رواياته.

خيري حماد

<<  <  ج:
ص:  >  >>