وأجاكس كذلك! لقد أتاه سهم كاد يذهب به لولا بقية من حياة!!
ومخاون! لقد روعه باريس هو الآخر فشكى وبكى!!
أرأيت؟
لقد نال الطرواديون وأحلافهم من جموع الهيلانيين، ولولا أن أغاث هؤلاء نبتيون القاهر، لكانت ملحمة فاصلة في هذه الحرب الشعواء!
وكأن السماء قد أيقظت ضمائر اليونانيين، وبرهنت لهم أن أخيل ما دام لا يخوض معهم المعمعة، فلا نصر لهم ولا غلبة، ولا محيص من هذه الهزائم المتتالية، والجروح التي لما تكن قصاصاً لولا أن أدركهم نبتيون!
عرف اليونانيون هذا، وآمنوا بعد هذا الفزع الأكبر أن لو كان أخيل بينهم يوم هذه الكريهة لما حفلوا بمارس وأتباعه، ولأظفرتهم آلهتهم بأعدائهم، ومارس وملئه، وأبوللو وجنوده جميعاً. . .
وانطلق نسطور فعرض على أجاممنون مصالحة أخيل وإرضاءه، وبعد لأي رضى القائد العام أن ينطلق نسطور وأوليسيز وأجاكس وفونيكس إلى معسكر أخيل، مندوبين عن القائد، ليعرضوا عليه صلحاً شريفاً، وموثقاً كريماً، يرضاه الطرفان؛ ولكن أخيل يثور لكرامته، ويأبى إلا. . . بريسيز. . . ثم لا يشترك في حرب ضد الطرواديين. . .
ويلح أوليسيز على صديقه القديم. . . . ولكن صديقه القديم ما يزداد إلا شماساً، وما يزداد إلا أنفة. . .
ويكون فونيكس قد نالت منه حجج أخيل، ويكون قد خلبه بيانه، وبهره حسن منطقه، وطلاقة لسانه، وعظيم شجاعته، فيؤثر البقاء معه، مخاصماً الهيلانيين جميعاً حتى يرضى أخيل فيتركه أوليسيز وصاحباه، ويعودون إلى أجاممنون. . . بخفي أخيل!!
وهكذا تتم كل هذه الأحداث الجسام. . .
وزيوس يغط في نومه الهادئ الناعم يوماً بأكمله. . حتى يبطل السحر، وتذهب الرُّقية، فيهب الإله الأكبر من سباته حيران أسفاً. . . لأنه ينظر من ذروة جبل إيدا، فيرى إلى نبتيون الجبار يصول في ساحة طروادة ويجول، ويصرع الأبطال، ويجندل الأقران، ويرى إلى مارس العتيد، وجنوده الأقوياء، يفرون من وجه سيد البحار، لا يلوون على شيء. . .