مما تقدم نعلم أن داخل بلاد الحبشة قلعة منيعة ذات عدة خطوط مستحكمة تسيطر على السهول في الشرق والجنوب، وهي مؤلفة من عدة معاقل كونها الهضاب الشامخة بجبالها وغاباتها وبحيرة (تانا).
تمد وادي النيل بالمياه في موسم الصيف بواسطة رافده النيل الأزرق، وهي ذات خطورة خاصة لمصر والسودان، ولولاها لما فاض النيل في كل سنة فسقي الحقول الواسعة والمزارع الخصبة التي ضرب بها المثل في فجر التاريخ؛ وسبب ذلك أن الثلوج المتراكمة في ذرى الجبال تذوب فتختلط بالأمطار الغزيرة التي تنزل صيفاً فتجري في الوديان المتشبعة من الجبال وتنصب جميعاً في النيل الأزرق فيطفح بالمياه وبالطين، وينقل البركة والخير إلى بلاد السودان ومصر.
ولنذكر بعد ذلك المرتفعات التي في أرض الحبشة:
الأرض المتاخمة للساحل في المستعمرات الطليانية والفرنسية والبريطانية منخفضة وسهلة، وكلما تقدمنا من الشرق إلى الغرب أخذت الأرض في الارتفاع. وفي إريترية (على مسافة تتراوح بين ٥٠ و٨٠ كيلو متراً من الساحل تتصل هذه الأرض بالقسم الشمالي من الخط الأول فتصبح شامخة وعرة، مكسوة بالغابات والإحراج.
وفي صحراء دناكل بالقرب من (عصب) تكون أرضاً متموجة قليلة المياه، وذات شعاب ووديان؛ وعلى مسافة (٢٠٠ إلى ٣٠٠) كيلو متر من الساحل تصل إلى حدها الأعلى في الخط الأول حيث المضايق الوعرة؛ ويتفاوت ارتفاع الذرى في هذا الخط من (٢٤٠٠ إلى ٤٣٠٠) متر، ويبلغ الارتفاع في ذروة (أبونا يوسف)(٤٢٠٠) متر، وفي ذروة (كللو) يبلغ ٤٣٠٠ متر، وتقع قلعة (مجدلة) على هذه الخط.
وفي الجنوب يبدأ السهل من ساحل البحر المحيط الهندي ويأخذ في الارتفاع إلى الغرب، وعلى مسافة ٢٠٠ إلى ٣٠٠ كيلو متر من الساحل يبلغ من الارتفاع والوعورة مبلغاً يكون هضاب (اوجادن) و (بوران).
وتتفاوت الارتفاعات في هذا القسم من (٣٠٠ إلى ١٠٠٠) متر وبالقرب من خليج عدن يبلغ الارتفاع في السلسلة التي تؤلف الخط الأول ٢٠٠٠ متر في جنوبي (بربرة).