بعيونهن، فإعتزلتهن، وانطلقت وحدك وراء المحجة. . .
نورها يسطع للعيون براقاً، فما أدناه للعين وما أبعد تناوله!
أغمضي عينك فقد جمدت، وسالمي قدمك فقد ارتعشت
والمحجة لا تزال بعيدة كالنور الذي ترنو إليه العين وتقصر عنه اليد.
ألا أن المحجة في عالم أنفسنا قد سطعت، فمدى يدك إلى قلبك تلمسيها، وانظري بعينك
في نفسك تبصريها.
ألا إن المحجة في أنفسنا. . .
ستضرمنا العاصفة ثم تذرونا الرياح رماداً قبل أن ندرك هذه المحجة.
أليست هي في أنفسنا؟ ولكن الأبعاد الشاسعة بين نجوم الفضاء. . . هذه الأبعاد التي
ترتجف لها مقاييسنا حين نمدها بينها، هذه الأبعاد هي أقرب تناولاً من الأبعاد الشاسعة المنتصبة بيننا وبين أنفسنا.
أين أنت أيهذا الذي بلغ نفسه!
بلى! ستضر منا العاصفة، وسنحول رماداً قبل أن تنتهي مراحلنا إلى أنفسنا
كلانا ضال وراء نفسه
كلانا يرهب طريقه الناس، لأن طريقنا طريق الوحدة، وطريق الوحدة طريق الضلال
كلانا يمشي وإن لم يكن في نظر المقاييس شيئاً، لأن مشينا لا تدركه مقاييس
ضميني إليك يا شجرتي الضالة فقد أضواني السير ولفحت وجهي الشمس
ضميني إليك أقرن تأملاتي بتأملاتك، فنحن في نظر الحياة شريكان يتمم بعضنا بعضاً
تضيئنا شمس واحدة، وتنير طريقنا مصابيح واحدة، وتعانقنا غاية واحدة
مشهدك واحد في حياتك كلها لا يبرح ناظرك، ولك منه كل يوم وجه للتأمل جديد
ومشاهدي كثيرة واعتباري منها قليل
وواصلي أيها الطيور أغانيك فوق رأسي فما أنا بالمروع لك!
وغذيني أيتها الشجرة الضالة بفيئك الواسع
وغداً أغذي جذورك بلحمي ودمي
ألست ظمأى إلى دم إنسان!