للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن آلافاً من الهواجس السوداء تضغط على قلبي تحدثه بالعُقَبى الوخيمة، والأيام الباكية القريبة!

هكتور؟

هذه أشباح القتلى الأعزاء من بني وطني تحدثني عن مأساة أبي، وأخوتي السبعة، والمئين من أهلي، قتلهم أخيل الجبار بيده السفاحة وجعل من جثثهم كومة عالية تقص على القرون تاريخنا الحزين!

لقد هرعوا جميعاً إلى هذه الساحة من سيليسيا، ملبين نداء الملك، الملك التاعس، أبي، الذي سعى إلى طروادة لينام أبد الدهر في ظل أسوارها نومةً غير قريرة ولا هانئة. . .

هكتور!

لقد نام أعز الآباء في تراب ساحتكم دفاعاً عن مدينتكم، ولكن المأساة لم تتم بقتله وقتل أبنائه والمئين الأعزاء من بني جلدته، ولكن المأساة أبت إلا تكون أمي. . . آه يا أمي العزيزة! أن تكون هذه الأم صفحة محلولكة من صفحاتها التي تفجر الدم في القلب، وتضرم النار في الحشا!

لقد ساقها أخيل يا هكتور في جملة السبي، ولولا القَود الكبير، والفدية الغالية التي بذلناها من أجلها، لكانت إلى اليوم، لو مد في أجلها، إحدى خادمات الأعداء الذليلات، اللواتي لا يملك لهن في هذا الإسار عزة، ولا يقدر لها أحد شأناً! لكنها سقطت هناك، في هامش هذه الساحة الظالمة، ضحية سسهم مراش من قوس الآلهة ديان، فكأنما رفضت أن ترفع كأس هذه الحياة إلى فمها النقي الطاهر. بعد إذ لوثته أجداث الدهر بذل الإسار!!

هكتور!!

كل هذه النوازل هدت نفسي، وحطمت قلبي، وأثلجت مشاعري، وجعلتني بائسةً تاعسة موهونةً لا حول لي. . . لولا أنك إلى جانبي تأسو جراحي وتؤنس وحشتي، وتشيع نوراً متلألئاً في ظلمات حياتي. . .! فأنت لي اليوم أب نعم الأب، وأنت لي في وحدتي بقلبك الحنون أم نعم الأم، وأنت لي أخ، بل أنت لي كل شيء في هذه الدنيا!

هكتور!

أبق إلى جانبي فأنا لا أستغني عنك بأب أو أم أو أخ، أو بمملكة يزين مفرقي تاجها

<<  <  ج:
ص:  >  >>