للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المشرق، ولا يشد يميني صولجانها الرنان!

أبق إلى جانبي يا هكتور!

أبق إلى جانبي وأرع هذا الطفل، ولا تسلمه وتسلمني لليتم والشقاء.

هتكور!

إن المستقبل يعبس من اليوم لولدك سكمندريوس؛ فرده عنه، وأدفع عاديات الزمان من الآن عن فلذة كبدك، وحبة قلبك، واستشعر نحوه حنان الأب الرحيم، ولوعة الأم المفئودة!. . . .)

وخنقتها عبرة حجبت عن ناظريها نور الحياة، وحبس منطقها كمد ممض، وحزن أليم؛ ووقف هكتور مبهوتاً لا يحير، ينظر إليها مرةً، وإلى ولده أخرى، ثم يلقي على طروادة نظرات. . . واستقيظ بطل اليوم من غفوته الصاحية، وأنطلق لسانه من عقاله يقول:

(أندروماك! أيتها الحبيبة! أسمعي إلي!)

لا تخالي يا أعز الناس إلى أن قلبي قد تحجر فلم يخفق لكل ما ذكرته من قبل! لا! لقد خفق كثيراً بمثل هذه الهواجس!

بل هو قد ذكرك، وقد تصور إن هكتور مقتول، وكأنك كما ذكرت عن أمك في جملة السبي، وأنك تؤوين مع أحد القادة الهيلانيين إلى هيلاس! وإن القائد الغليظ قد ضمك إلى حرمه، أو بالغ في الإيذاء فجعلك إحدى سراريه أو خدمه، كلما مر بك أحد أشار إليك بالبنان: (مسكينة! هذه زوجة هكتور فتى طروادة، وأين ملكها المقدام، البطل الذي سفك الدماء وسعر الهيجاء، تعمل هنا اليوم خادمة ذليلة، كسيرة القلب، مهيضة الجناح، تأتمر بأمر السفلة والاخساء!

لا يا أندروماك! لقد ذكرت ذلك جميعاً، ومن أجل هذا فأنا لهذه الحرب، وأنا لهؤلاء الأعداء! سأحطمهم! سأدك الأرض من تحتهم! سأُسقط السماء عليه كسفاً. . .! من أجلك! يا وطني! يا بلادي!. . .).

وسكت فتى طروادة قليلاً، ثم ذكر المعركة وما يدور فيها، فتقدم إلى زوجه فطبع على جبينها قبلة كلها هموم: ومد يده يريد أن يأخذ سكمندرويوس فيداعبه أو يودعه؛ ولكن الطفل صرخ مروعاً من هذه القبعة النحاسية المذهبة التي تحمى مفرق أبيه! وأبتسم والداه، برغم

<<  <  ج:
ص:  >  >>