للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد كانت رياضة لغوية مثمرة، تدل على جدوى هذا النهج الجديد في دراسة فقه اللغة؛ وإننا لنرى فيها جهد الطلاب ظاهراً قوياً، وقد وفق الكثير منهم توفيقاً يدعو إلى الإعجاب والرضى ويبعث على كثير من الاطمئنان والأمل؛ على أنه من التواضع أن يسمى كل هذا الجهد (محاولة)؛ فما أغلو إذا ادعيت أنه قد أضاف إلى العربية ثروة جديدة، وكشف عن دفائن تزيدها قوة وغنى.

على أن في الكتاب غير ذلك بحوثاً طريفة، وأبواباً قيمة، وطرائف من اللغة تروق الأدباء والمتأدبين. وإذا كان لنا أن نأخذ شيئاً على الكتاب، فذلك أنه كان في حاجة إلى العناية بترتيبه وتقسيم فصوله خيراً مما رُتِّب وقُسِّم، ليتأتى للمستفيد أن يقع منه على ما يريد من غير عناء، ولكننا نحب أن نعتذر عنهم من ذلك، بأنهم أرادوه ليكون أشبه بسجلّ يصوِّر مجهودهم، أكثر مما أرادوه كتاباً يتناوله القراء للبحث والانتفاع، وإن كان هو عندنا لأكثر من ذاك.

القبس للإنشاء العربي

وهذا كتاب آخر للإنشاء العربي، متين العبارة، قويّ الأسلوب، جميل التقسيم، أنشأه مؤلفاه الفاضلان ليستعين به التلاميذ في دروس الإنشاء العربي، فجاء وافياً بما يريدان من قوة السبك، وحسن الأداء، ودقة التقسيم.

ولكننا نعود فنسأل عن مدى استفادة التلاميذ مما يسمونه (كتب الإنشاء)؟

ليس من شك في أن تعليم اللغة تلقين ومحاكاة، يهيئان التلميذ من بعدُ للخلق والابتكار، ولكن وسائل التلقين ليست هي هذه الكتب التي توضع بين أيدي التلاميذ لغرض واحد، هو أن يقرءوها فيحاكوها، أو ينبشوها فيقتبسوا منها، والتي لا ينظرون فيها إلا على نية الأخذ عنها، والاستعانة بها على تجويد العبارة وصقل الكلام؛ إنما ينبغي أن يلقن التلميذ من حيث لا نشعره أنه يلقن: بأن نحمله على القراءة في كتب شتى، ونبعث فيه الشوق إلى المطالعة والنظر في كل كتاب، ونعوده حسن الاستماع لجيّد الكلام؛ فما يقبل التلميذ على مثل كتب الإنشاء هذه بقلبه وعقله، بل بحافظته؛ فمن ثم لا تراه ينظر فيها إلا ليسترق أو يقلد، فيؤول ذلك إلى أن تكون كتابته أشبه بطبع الرواسم (الأكلشيهات): عبارات محفوظة، وربط سقيم، وفكر بليد؛ ثم هي تجعل التلميذ لا يحاول أن يطالع أو أن يقرأ، إلا إذا طلب إليه أن يكتب

<<  <  ج:
ص:  >  >>