ولنرجع الآن إلى مانعة الصواعق فنقول إنها تتركب من ساق وموصل، فالساق يتركب من قضيب حديدي مدبب في نهايته العليا لا يقل طوله عن خمسة أمتار ولا تقل مساحة مقطعه عن ٢٥ سنتيمتراً مربعاً يوضع في أعلى البناء المراد تسليحه، ويغطى طرفه الأعلى عادة بطبقة من البلاتين لكي تمنع تراكم الصدأ، وبذلك يبقى القضيب جيد التوصيل؛ أما الموصل فهو سلك من حديد أو عدة أسلاك تمتد من نهاية الساق إلى الأرض، ومن الضروري ملاحظة هذه النقطة - نقطة الاتصال الأرضي - إذ يجب أن يكون الاتصال (بالأرض) محكماً، وإلا لما كان للمانعة فائدة عملية، ويستحسن أن تكون نهاية الموصل في أرض مبللة أو في بئر، وإذا لم يمكن ذلك فمن الضروري عمل حفرة في الأرض تدخل فيها نهاية الموصل، ويراعى في هذه الحفرة أن تكون دائماً رطبة وذلك بتسليط مجرى مائي عليها، أو باستعمال طرق يمكن بواسطتها حفظ رطوبتها؛ ولكي يضمن الإنسان الفائدة العملية من المانعة يجب عليه أن يجعل لنهاية الموصل شعبتين أو ثلاثة. . وهناك طرق أخرى اخترعت لحفظ المباني من الصواعق وأضرارها يمكن لمن يريد الاطلاع على تفاصيلها أن يراجع الكتب الخاصة بذلك.
ولمانعة الصواعق عملان: الأول أنها تمنع تراكم الكهربائية على سطح الأرض؛ والثاني أنها ترجع السحب المكهربة إلى حالة التعادل؛ وهذان العملان يحولان دون حدوث الصاعقة ويحفظان الأبنية من آثارها؛ وقد تكون المانعة غير قادرة على منع حدوث الصاعقة، فحينئذ يحدث التفريغ وينتج عنه البرق، ولكن يقع التأثير كله وتقع الصدمة كلها على المانعة لأنها جيدة التوصيل، وبهذه الطريقة يصان البناء ويبقى سالماً.
لقد تكلمنا بإيجاز عن البرق والرعد والصاعقة، وعن كيفية حدوثها، ومن أراد زيادة البحث والاستقصاء فعليه أن يرجع إلى الكتب الموضوعة في علم الطبيعة وغيرها، ففيها الكفاية والتفصيل.
ويظهر لنا مما مر أن هذه الظواهر كغيرها تسير على قانون ونظام لا تخرج عنهما، وترتكز على أسس ومبادئ يسعى الإنسان للتعرف عليها والوقوف على دقائقها؛ وإن في تعرف الإنسان عليها ووقوفه على دقائقها لما يقوى فيه الاعتقاد بوجود قوة الله المدبرة الحكيمة المنظمة التي تشرف على هذا الكون وتسيطر على حركاته. أليس في البرق