للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتصوروا عن المحيطات صورة اقرب إلى الحقيقة.

وإذا كانت الجغرافيا تشمل وصف المحيطات باعتبارها جزءاً من الكوكب الأرضي فقد اختصت الاقيانوغرافيا بدراسة المحيطات كوحدة كونية تغمر ثلاثة أرباع الكرة الأرضية، ومع أن الاقيانوغرافيا تحاول أن تجد لها نسبا عريقا في جميع الاكتشافات السالفة الذكر، فالواقع أنها لم تنشأ كعلم مستقل إلا في النصف الأخير من القرن الماضي.

وعلينا الآن أن نترك التاريخ لحظة إذا أردنا ان نعرف إلى أي حد يحق للايقيانوغرافيا ان تتصل بنسبها إلى الاستكشافات الجغرافية قديما وحديثا، ولا يمكننا معرفة ذلك قبل الإجابة على السؤال التالي: ما هي الاقيانوغرافيا؟

الاقيانوغرافيا هي وصف أحواض المحيطات والظواهر التي تبدو على سطحها والعوامل والتفاعلات الحادثة في بطنها. ودراسة القاع وتكوينه منذ أن ينحدر الشاطئ القارّي تحت الماء حتى أبعد الأعماق، ودراسة المياه التي تملأ أحواض المحيطات وما فيها من مواد عالقة أو ذائبة وأثر الضوء والحرارة على المياه ومحتوياتها.

هذه هي الاقيانوغرافية الاستاتيكية

وفهم أثر الرياح والقوى العالمية (جاذبية القمر) على سطح الماء من أمواج ومد وجزر. ودراسة أثر الثلوج القطبية وما تسببه من تيارات.

تلك هي الاقيانوغرافيا الديناميكية

ودراسة الأحياء التي تغشى القاع أو تعيش في طبقات الماء المختلفة. وتلك هي الاقيانوغرافيا البيولوجية.

يظهر من هذا العرض السريع أن الاقيانوغرافيا تستعين بعلوم مختلفة. فدراسة خصائص الماء وما بها من مواد ذائبة أو عالقة، وأثر الضوء والحرارة عليها وحركة التيارات تقتضي تطبيق علوم الكيمياء والطبيعة. ودراسة القاع وتكوينه ليست الا تطبيقا جيولوجيا. كما أن تحديد مرتفعات هذا القاع ومخفضاته - بطريق قياس الأعماق - هي عملية طبوغرافية. وفهم أثر الرياح على سطح الماء يقتضي فهم الجو نفسه بطريق علم الأرصاد (الميتيورولوجيا) وتقدير ارتفاع المد وانخفاض الجزر وتوقيتهما يحتاج إلى معارف فلكية. وفي كل هذا يلجأ الاقيانوغرافي إلى الرياضيات لحصر تلك الظواهر الطبيعية، في دائرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>