المعادلات والقوانين. كما أن من البديهي أن ترتكز الاقيانوغرافيا البيولوجية على علمي الحيوان والنبات.
وقد يتساءل نوع من القراء، وقد فرغ من هذا التعداد، وما فائدة كل هذه الدراسات؟ وهذا النوع من التساؤل طبيعي في الناس ولكنه يتخذ في مصر لهجة يشوبها غير قليل من السخرية، ويظهر أننا برغم ما يبدو من مقدار نجاحنا في دوائر العمل (أو فشلنا بالأولى) رجال عمليون بالفطرة.
فإذا حدثتنا عن فينوس ميلو، أو مخلدات ميكلانج، أو بدائع دورر، أو نظرية آينشتاين. أو ناقشتنا في قيمة مؤلف عظيم انتهينا بك إلى (جميل!)(ولكن ما فائدة كل هذا؟) إذ يجب على المؤلف والفيلسوف والمصور والحفار ان يحض على فضيلة أو ينشئ مصنع طرابيش ليكون لعمله قيمة في نظر أبناء: (مصر. . . قطعة من أوربا).
ومن حسن حظ الاقيانوغرافيا أن تجيب السائل عن سؤاله بأكثر من جواب. على أننا قبل أن ننوه (بفوئد) الاقيانوغرافيا لن نتردد في القول بأنه إذا كان الأصل في البحث العلمي هو رغبة الإنسان في استخدام القوى المحيطة به، فانه يرجع في غير قليل إلى رغبة البشرية في فهم تلك القوى لمجرد ألفهم.
وإذا كان الكشف العلمي قد أدى إلى حضارة اليوم فان هذه الحضارة لم تكن لتبلغ هذا المبلغ لو لم يكن من اجل صفات الذهن البشري أن يفكر لمجرد التفكير، محاولاً فهم كنه الظواهر المحيطة به. وإلاّ فما الأديان وما الفلسفة؟
وإذا كان الإنسان قد قام برحلاته في المحيطات لغرض عملي، فليس معنى هذا أن ننسى فضل المفكر الذي يقف بشواطئ المحيط حائراً متسائلا إلى أين تمتد مياهه. ناظراً إلى السماء متسائلا ماذا وراء النجوم. والإنسان الأول قبل أن يعد عدته للانتفاع بمنتجات البحار، وقف بشواطئها يتأمل مياهها لا لشيء إلاّ لأن الإنسان حيوان مفكر. ثم لمح مخلوقا غريبا يلمع في طبقات الماء فغاص وراءه أو فكر في طريقة لصيده، لا لشيء إلاّ للرغبة في تعرف هذا المجهول. ثم أدرك بعد ذلك انه يستطيع الانتفاع بلحم هذا المخلوق في غذائه. رأيت أن لا مناص لي من أن أنتحي هذا الجانب من التفكير في عرض الكلام عن الاقيانوغرافيا. قبل أن أتحدث عن فوائدها، ذلك لأن هذه الفوائد مهما كبر شأنها فلن