للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهل رأيت إلى العاصفة تقتلع الدوح، وتطيح بالأيك، وتهب على اليم النائم فيصطخب، والبحر الوادع فيضطرب. . . و. . . على الغدير ذي الخرير فيرقص من رعشة كان به مسّاً من الخَدَر!!

تلك هي بريسيز حين تبدت للقوم!

لقد هتف اوليسيز هتفةً ضاعت في إنذهال الملأ بما يرى، على ما تعرف من جبروت اوليسيز، وشدة أيده. . . . . . ثم هتف فتلفَّت الناس، وراح الرجل يكرر ما قيل من نقاء بريسيز وتمام طهرها؛ أخيل مطرق ساهم، لا يكاد يعي مما يقال شيئا!. . .

واستل اتريديس خنجره، وأهوى به على عنق الخنزير يذبحه، وهو في ذلك كله يصلي لأربابه، ويسبح بحمد السماء، ويشكر لسيد الأولمب ما أتم من صلح شريف بين سليلي الآهة. . . ونهض اجاممنون فقدم بريسيز إلى سيدها، وعقَّب بكلمة طيبة، ثم أشار أخيل إلى المرميدون فحملوا الهدايا، وانطلقوا إلى أسطولهم بها، ومعهم فتاة مولاهم في صفوف موسيقية، وفي موكب رهيب!

وانصرف القادة إلى زادهم، والجنود إلى ميرتهم، ولا حديث لهم إلا أخيل وفتاة أخيل، والصلح الذي باركته السماء، وكسبوا منه أن يكون فيهم أخيل!

أما بريسيز فقد وصلت إلى سفينة مولاها؛ فشدها أن ترى إلى جثة بتروكلوس في لفائفها وأكفانها، والى هذه الأم البارة، ذيتيس، جالسة عندها تبكي، وتدفع أسراب الذباب، وتسقي القتيل خمراً!!

لقد كانت بريسيز تعجب بالبطل منذ قريب، ولقد تركته ممتلئاً صحة، موفوراً شباباً؛ نضر الصبى، ريّانَ الأهداب! ثم عادت فكان اشق عليها أن تراه مُسَجَّى هكذا! لا نأمة! لا حركة! لا نَفَس! قتيلاً كأدنى من كان يقتل كل يوم روع، طعيناً كأقل من كان يطعن كل يوم نزال!!

ودارت الدنيا بالفتاة، فراحت تملؤها ندبة وبكاء!. . . واجتمع لديها الفتيات الأخريات يندبن ويبكين. . .

فما كان أروعه منظراً، وما كان أحره إخلاصاً!!

واقبل فونيكس على أخيل يواسيه

ولكن أخيل ما يرقأ له دمع، ولا ينقطع له نحيب. . . واطلعت أرباب الأولمب، فشهدت ما

<<  <  ج:
ص:  >  >>