وهو راكع فسبني وشتمني وصرخ في وقال: ما شأنك بي هل أنا أصلي لك أنت. . .
فغضب (النابغة) وقال: والله إن تحسبونني إلا مجنونا فتريدون أن يقلدني هذا الأحمق الذي ليس له رأي يمسكه. ولولا ذلك لما اعتقدتم أن تقليدي من السهل الممكن، ولعرفتم أن نابغة القرن العشرين نفسه لم يستطع تقليد نابغة القرن العشرين
قلنا: هذا عجيب، وكيف كان ذلك؟
فضحك وقال: لا أعدّكم من الأذكياء إلا إذا عقلتم كيف كان ذلك
قال ا. ش: هذا لم يعرف مثله فكيف نعرفه، ولم يتوهمه أحد فكيف نتوهمه؟
وقلت أنا: لعلك رأيت نفسك في الرؤيا
قال: لو لم تكن أستاذ نابغة القرن العشرين لما عرفتها؛ وهذا نصف الصواب؛ وما دمت أستاذي، فلو أننا اختلفنا في رأي لكان لي صوابا لأنه منك، وكان خلافي لك صوابا لأنه مني؛ فأنت (غير مخطئ) وأنا مصيب، وإذا أسقطنا كلمة (غير) أضل أنا مصيبا وتكون أنت مخطئا. . .
أنا لم أر (نابغة القرن العشرين) في الرؤيا ولكني رأيته في المرآة عند الحلاق. . . ورأيته يقلدني في كل شيء حتى في الإشارة والقومة والقعدة، ولكني صرخت فيه وسببته ففتح فمه ثم خافني ولم يتكلم. . .
وأومأ إلى المجنون الآخر وقال: وأنا أتقدم هذا في النبوغ بأكثر من علم العلماء في خمس وستين سنة
قال ا. ش: لقد قلتها مرتين كلتاهما بمعنى واحد، فما معناك في هذه الثالثة؟
قال: هذا الغِرّ يزعم أني لا أعرف كيف أصلي، ويستدل بذلك بأني صليت بالشعر وأني شتمته وأنا راكع؛ ولو كان عاقلا لعلم أن شتمي إياه وأنا راكع ثواب له. . . ولو كان نابغة لعلم أن الشعر كان في مدح دولة النحاس باشا وأولى النُّهى
قلنا: ولكن الشعر على كل حال لا تجوز به الصلاة ولو في مدح دولة النحاس باشا
قال: لم أصل به ولكن خطر لي وأنا أصلي أني نسيت القصيدة فأردت أن أتحقق أني لم أنسها. . . فإذا أنا نابغة القرن العشرين في الحفظ وهي ستة أبيات. لا كهذا المعتوه الذي صبر على المتن صبر الغريب على الغربة الطويلة ومع ذلك لم يحفظه