للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يكاد بعضهم يأبه ببعض، بل كل منهم منصرف إلى سبيله لا يحفل بغيره، وذلك لبعد ما بين أعمالهم من تباين وخلاف؛ أما النساء فبينهن عداوة غريزية فلا يسع الواحدة منهن إلا أن تضمر في نفسها أشد المقت لغيرها من بنات جنسها. وعلة ذلك مدعاة للغيرة والكيد والتنافس؛ فنظر مثلا إلى سيدتين تقابلتا في الطريق كيف تنظر إحداهما إلى الأخرى بعين كلها الغل والكراهية؛ وإنه لما يبعثك على الضحك أن تستمع إلى امرأتين تتعارفان أو تتبدلان تحية اللقاء أو الوداع، فلن ترى إلا سخفاً منشؤه أن التودد والتعاطف والمحبة ليست من طبيعة المرأة نحو المرأة، وأن هذه العداوة الفطرية بينهن لتتضح لك في جلاء إذا رأيت كيف تعامل المرأة الأرستقراطية من هي دونها في المنزلة الاجتماعية من النساء؛ عندئذ ترى صلفا أي صلف وغطرسة وكبرياء، لماذا؟ لأنها تشعر أن الفارق بينهما في حقيقة الأمر جد ضئيل. استغفر الله بل إنه لا فارق البتة بين امرأتين. فهذه تحفظ النوع بنسلها كما تحفظه تلك سواء بسواء؛ ولعمري أن الحياة لم تقصد بهن إلا هذا، وهذا وحده. تشعر المرأة الأرستقراطية بانعدام الفارق في الجوهر بينها وبين المرأة الوضيعة فتلجأ إلى الصناعة والتكلف تخلق بهما ما تريد هي أن يكون بين المرأتين من تفاضل؛ أما الرجل فتراه على النقيض من ذلك: يعامل من دونه بالحسنى، لأنه يعلم أن الطبيعة قد فرقت بينهما في القوة والعمل، فليس به لإظهار منزلته حاجة إلى الصلف والكبرياء

ولشد ما أعجب لهذا الاسم الذي يطلق على النساء جزافاً: (الجنس اللطيف)؛ ولست أشك أن من أطلق هذا اللقب على ذلك الجنس الضئيل القصير الشائه، هم أولئك الذين أفسدت غرائزهم الجنسية عقولهم. فجمال المرأة كله قائم على الغريزة الجنسية وحدها، وإنه لأقرب إلى الصواب أن نسمي النساء بالجنس الذي لا ذوق له ولا فن، إذ ليس في مقدورهن تقدير الجمال في شتى الفنون، ولكنهن كثيراً ما يغالطن في الحقائق فيدعين أنهن ذوات فن جميل، بأن يعزفن على الآلات الموسيقية أو يعالجن التصوير، ولكن ذلك منهن كذب ورياء، فهن لا يُشغفن إلا بما خلقن من أجله: حفظ النوع. . . . . . إن الرجل يجاهد في العلوم والفنون لتتم له السيطرة على الأشياء، إما بفهمها أو بالتحكم فيها، أما المرأة فهي بطبيعتها لا تحب أن تسيطر على الأشياء سيطرة مباشرة، ولكنها دائماً تقصد إلى السيادة على الأشياء عن طريق سيادتها على الرجل، فالرجل وحده هو ما تصبو المرأة إلى التحكم

<<  <  ج:
ص:  >  >>