للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الجسورين دائماً. فقد أهمل هو ورفيقه أن يسورا الأرض التي يملكان فيها الامتياز، فنازعهما على ملكها بعض الناس، وأعوزهما الدليل فآلت إلى هؤلاء المنازعين، وبحثوا فيها فعثروا على عروق خصيبة من الذهب. وكانت الصدمة قوية على الشابين. ولكن المصادفة أدركت صمويل في ساعة المحنة. إذ طلب إليهأن يكون وكيلا للإدارة في جريد (انتربريز)، وهذا المنصب في نظر صمويل كان عرقاً ذهبياً من نوع آخر، إذ أدخله على غير انتظار في حلبة الأدب. وكان دخوله في تحرير هذه الجريدة فرصة حسنة تمكنه من ناحية الإنشاء والقصص، فصقل بالتحرير أسلوبه، وهذب بالمران حكاياته، ولكن طبعه الهجَّاء وروحه المداعب الفكه لم يخمدا فيه؛ وأوشك في البداية أن يقع منهما في ورطة شديدة، وذلك أنه نشر في بعض الأيام بيانا عن حادثة قتل وقعت في محطة (دوتش نيكس) أطلق فيه لخياله العنان، فذكر أن القاتل بعد أن طعن زوجته وأطفاله التسعة بالخنجر وضرب نفسه فقطع عنقه من الأذن إلى الأذن، امتطى جوادا عدا به حتى بلغ (كنساس ستي) ثم خر صريعاً هناك. نقلت ذلك الخبر جرائد كليفورنيا كلها ثم حملت في تعليقاتها على وحشية القاتل وفظاعة جرمه، ولكن جرائد بعض الولايات القريبة روت ذلك الحادث الغريب وقالت انه حديث خرافة. فكان ذلك فضيحة طريفة للكاتب أوشكت أن تخرجه من عمله

ثم انتقل إلى (سان فرنسيسكو) واستمر يكتب في الصحف كتابة رفعت شأنه وأذاعت اسمه في ولاية (كليفورنيا)، ولكنه بعد أن نشر كتابه (قصة الضفدعة التي تثب) أصبح نابه الذكر بعيد الصيت في أمريكا أولا، ثم في سائر البلاد بعد ذلك؛ واحتل من الأدب العالمي مكانا ممتازاً لا يتبوؤه إلا القليل. كذلك في هذه المدة نال مارك توين شهرته الذائعة في فن المحاضرة، وأضاف إلى علمه العميق بفن القراءة وقدرته العجيبة على زخرف الحديث، موهبته الساحرة لجذب قلوب السامعين باللهو والضحك. ولما عزم أن يحاضر الجمهور لأول مرة كتب في الإعلان الذي ألصقه على الجدران: (فتح الأبواب في الساعة السابعة والنصف، وابتداء الضجة الفاضحة في الساعة الثامنة تماما. ولما زار إنجلترا ليلقي فيها بعض المحضرات أحس في أول اختلاطه بالجمهور اللندني بعض الفتور وشيئا من عدم الثقة، فعلم أن ليس من اليسير التغلب على الطبع الإنجليزي المتزمت المحتشم، فطفق

<<  <  ج:
ص:  >  >>