القديم، بل لأن زادي وثروتي من اللغة لم يكن يبلغ بي أن أكون مع غير الذين يسمونهم مجددين. . .!)
أفينكر إخوانُنا في اللغة أن هذه النهضة التي ينتسبون إليها لم تكن من صنعهم؟ وإنما هّيأ أسبابها وأذكاها تلك الكتب القديمة التي يسبّونها اليوم حين نهض لنشرها أدباؤنا منذ قرن فدرسوها مخطوطٍات باليةً مركومة، وخلّفوها لنا مطبوعةً مصحّحة مجلوّة
ولكل عمل أدته ووسيلته، وإنما الوسيلة لدراسة هذه اللغة هي النشاط الدائب في التحصيل، والجهد المتصل في الاستقراء، والمحاولة المستمرة للكشف والبحث والاطلاع. ولهذه اللغة أصول لابد من الإحاطة بها قبل الشروع، وعندها طرف الخيط، فمن شاء فليبلغ إلى الغاية. . .
أما بعد فهذه كتب أربعة، لم أكن بحاجة في تقديمها إلى كل ما أسلفت، ولكنها جميعاً من الأدب القديم؛ وللأدب القديم ملمس خشن، أفيدري اللامسون ما وراء. . .؟
١ - اعجام الأعلام:
أكثر ما يعاني المطالع في الكتب القديمة، هذه الأعلام الكثيرة في كل سطر وفي كل عبارة مما يقرأ؛ على أن أشق ما يعانيه في هذه الأعلام، هو ضبطها والتميز بينها؛ وحسبك أن تعلم أن أكثر هذه الأعلام ليس مما يسمى به في هذا الزمان، فلا سبيل إلى تصحيح نطقه إلا بالسماع والرواية، ولا سبيل إلى الترجمة لمسّماه - إنسانا كان أو بلدا - إلا بالبحث الطويل والجهد المضني، على أن ذلك لا يتأنى لكل طالب؛ فأنت لا تجد كتابا في العربيةُ يستغني به عن سواه في هذا الباب
والأستاذ محمود مصطفى أستاذ الأدب العربي بكلية اللغة العربية الأزهرية، رجل دءوب كثير البحث، طويل الأناة؛ وهو قد لقي في شتى مطالعاته ضروبا من العناء في ضبط الأعلام والتعرف إلى أصحابها؛ فاجتمع له بسبيل ذلك فيما أجتمع من ثمرات المطالعة طائفةٌ كبيرة من أعلام الأناسيّ والبلاد مضبوطة مترجمة لا تجتمع لمثله حين ينشدها إلا بجهاد سنوات وسنوات؛ فرأى أن يقدّم هذه الثمرة الجليلة إلى أدباء عصره، ليخفف عنهم بعض ما لقي، على أنه لم يثقل عليهم بما لا حاجة بهم إليه. فاكتفى من عمله بضبط الأعلام وتصحيحها، ثم إيجاز ترجمتها بما يقصر على ما يفيد، بعيدا من الاختصار المخلّ