الفصل الذي عقده لفتح العرب الشام، وينقل عنه صفحات برمتها، ثم لا يكتفي بذلك بل ينبري لمناقشته ومجادلته. فليأذن لنا الدكتور أن نقول له إن هذا الكتاب ليس للواقدي، بل ليس من آثار عصر الواقدي، وإنما هو كتاب كتب بعد زمن الواقدي بمئات السنين: كتب على أغلب الظن إبان الحروب الصليبية لبث الحمية الدينية في نفوس الجمهور وترغيبه في مجاهدة الصليبيين بتذكيره بفعال آبائه في الشام. ونفس عبارة الكتاب من النوع القصصي الحماسي. جاء في دائرة المعارف الإسلامية في ترجمة الواقدي ما يأتي:
, ; ' , وترجمتها (إن كتابي فتوح الشام والعراق قد فقدا. أما الكتابان المتدولان بهذا الاسم فيرجعان إلى عصر متأخر، وهما مضافان إلى الواقدي خطأ.)
كذلك يعتمد المؤلف في عدة مواضع من كتابه على كتاب آخر زائف هو كتاب (الإمامة والسياسة) المنسوب إلى ابن قتيبة وكل شيء في هذا الكتاب يدل على أنه ليس لابن قتيبة. وإنما هو في غالب الظن لكاتب أندلسي أراد تسلية الخاصة باسم الحياة السياسية الإسلامية فوضع هذا الكتاب الذي يعتبر من الناحية الأدبية قطعة فنية، وإن كان من الناحية التاريخية لا يعول عليه على الإطلاق. وفي ذلك يقول المستشرق الإنجليزي مرجوليوث في كتابه (مؤرخو العرب) في ص١٢٥)
' وترجمته (أن ما في هذا الكتاب من تكذيب للتاريخ أم جهل به، لفاضح بحيث لا يمكن أن يكون من تصنيف ابن قتيبة.)
ثم إن المؤلف كثيراً ما يستمد ويقتبس من كتب منها ما قد أصبح قديماً قاصراً من حيث المستوى العلمي، ومنها ما هو ثانوي الأهمية، ومنها الضعيف، ومنها ما قصد بكتابته إلى التثقيف العام. من هذه:(تاريخ العرب) لسديو، و (موجز تاريخ العرب) للسيد أمير علي، و (الحضارة العربية) لجوستاف لوبون)، و (أتباع محمد) لواشنجتن أيرفنج
إن هذه الكتب وكثيراً غيرها قد وضعها في أغلب الأحوال هواة قصدوا بها ناحية الثقافة العامة والتصوير المجمل، فكثيرة الاستدلال بها في مقام البحث الجدي ترخص لا مسوغ له
هذا عن مبلغ نقد المؤلف أمهات مصادره. أما مذهبه في الانتفاع بهذه المصادر إجمال فلنا عليه بعض الاستدراك. فهو مفرط في الأخذ عنها والاقتباس منها، بحيث أنك في كثير من فصول الكتاب تبحث عن شخصية المؤلف فلا تجدها أو تجدها ضئيلة ضعيفة، خذ لذلك