وهو من أضخم ما على البسيطة من أشجار ومن أطولها عمراً. يبلغ ارتفاعها ٢٠٤ ومحيطها ١٠٤ أقدام، رأسها غير كامل لأنه محترق، ويظهر أن صاعقة انقضت عليه فأطارته. يبلغ سمك قشرتها الذي يكسو خشبها نحو ٧٥ سنتيمترا، والعادة أن يكون لونه لون القرفة، اما في هذه الشجرة المعمرة فاللون رمادي يشهد بمعاركة الرياح والأمطار والشمس وعناصر الطبيعة الأخرى القاسية قرونا طويلة، واقفة كأنها تصارع الزمن بسيف متكسر فهي كالبطل المنهوك المثخن بالجراح تغيب بين أضلاعه النصال والسهام. فمن ذا الذي يرى هذا المخلوق النبيل ولا يحني رأسه في خشوع وإعظام وإكبار؟ من ذا الذي لا يقف بأصلها ضارعا بعد أن يشعر بعظمة الخالق والمخلوق؟ وسأحاول تصوير ضخامتها بما يلي من الأمثلة:
١ - إذا وقف عشرون رجلا في حلقة مقفلة حول أصلها بحيث تتلامس أطارف أصابعهم مع امتداد أذرعتهم فانهم يستطيعون تطويقها تماما.
٢ - إذا شق في أصلها طريق يمكن أن تمر منها مركبتان من مركبات الترام جنبا إلى جنب.
٣ - إذا أمكن ان تقور قاعدتها بحيث تشبه الغرفة استطاع اربعة عشر شخصا أن يجلسوا على مقاعد حول مائدة مستديرة في وسطها من غير ما تزاحم.
٤ - إذا قطع ونشر خشبها أنتجت ما يربو على نصف مليون قدم من الخشب.
وبجانب آخر من الغاب يرى عملاق هائل صريعا ممددا يسمونه (الملك الساقط) دون عظمته وضخامته عمد قدماء المصريين الصوانية المتساقطة في المعابد. مؤثرة والله رؤية ذلك الطود الأشم بل ذلك الملك منزوع التاج منطرحاً على الأرض جسماً بلا روح (ذلك الطود الذي عاصر الأهرام حيا وها هو ذا لا يزال يسابقها في حلبة العمر إذ يأبى خشبه الاستسلام للعفن وللاضمحلال والفناء مع أن جنبه يلامس الأرض منذ مائتي عام!! وقد صورت أكثر من مرة وعليها عربة بستة أحصنة وعدة سيارات وجمع غفير من الرجال.
ولعل اهم ما يتساءل عنه الزائر المتحير هو كيفية تكأثر هذه الأشجار وحفظ نوعها. وربما تأخذه الدهشة إذا علم انها تتكاثر من بذرة في حجم الخردلة!! وتوجد هذه البذرة مع غيرها في مخروط صغير لا يزيد حجمه على حجم البيضة الكبيرة. وقد يحتوي المخروط على