للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نفسه. وعندي تجربة لا أرى عدلا لها ترينا هل حقا علاجك هو سبب خلاص هذه الأبقار. فهيا بنا يا عزيزي نجرب)

وأحضر لهما أربع بقرات، وقام بستور في حضرة لوفرييه وبشهود وفد عليه سيما الجد من المزارعين، فطعن الأبقار في أكتافها أربع طعنات من محقنه بعد أن ملأه بزريعة من مكروبات الجمرة، فانساب في أجسامها مقدار يقتل الشاة الواحدة بالتحقيق ويقتل من الخنازير الغينية عشرات. وفي الغد عاد بستور ولوفرييه ووفد المزارعين فوجدوا الأبقار جميعاً قد علت أكتافها أورام حادة محمومة، وهي تتنفس شخيراً. فلم يعد شك في أنها في إبان مرضها.

قال بستور لصاحبه: (والآن يا دكتور، تقدم فاختر بنفسك بقرتين من هذه الأربع المريضة. ولنسمها أ، ب فخذها وعالجها على نحو ما تفعل. أما هاتان البقرتان الأخريان ج، د فدعهما بلا علاج) وقام لوفرييه على البقرتين البائستين يصب عليهما النقمة التي تدعى علاجاً. فكانت النتيجة ضربة قاضية على العلاج وعلى صاحبه الذي أحسن النية وقصد الخير - ذلك إن إحدى البقرتين اللتين عولجتا ماتت وسلمت الأخرى، وإحدى البقرتين اللتين لم تعالجا ماتت وسلمت الأخرى.

قال بستور لصاحبه: (حتى هذه التجربة كان في إمكانها أن تخدعنا، فلو أنك أعطيت دواءك للبقرتين ا، د بدلا من ا، ب وحدث الذي حدث، أذن لظننا أنك وقعت للجمرة على خير علاج) مات في التجربة بقرتان، وسلمت فيها بقرتان وشفيتا لكن بعد أن عانت من الداء الأمر. ففكر بستور فيما هو صانع بهما، قال: (أظن أنه لا بأس من حقنهما مرة أخرى بنسل من مكروب الجمرة أخبث من الأول. إن عندي في باريس نسلاً شديد الفتك لو أنه حقن في كركردن لسود ليلته وأفسد عليه نومته) وبعث بستور في طلبه من باريس فلما جاء حقن منه قطرات في كتف البقرتين، واصطبر ينتظر مرضهما فلم يمرضا، حتى الورم لم يحصل حيث ضرب بإبرة المحقن من كتفيهما. وبقيت البقرتان سليمتان هنيئتين ولم تحفلا بالذي كان!

فقفز بستور إلى إحدى استنتاجاته السريعة، قال: (أن البقرة التي تصاب بالجمرة ثم تشفى لا تأتيها الجمرة مرة أخرى ولو حقنت بما على ظهر البسيطة من مكروب هذا الداء - إنها

<<  <  ج:
ص:  >  >>