أوزارها، وحين تنكشف هذه الغمة القاسية عن طروادة. . .
بيد أن الهوى المبرح قد ألح على قلب أخيل، والصبابة العاتية قد جمعت أفانين من السهاد في عينيه، وطيف بوليكسينا يراوحه ويغاديه، ويملأ عليه أخيلته، ويتهادى أمامه في كل نظرة ينفرج عنها هدبه، أو غمضة يتناعس بها جفناه! فلم يطق إلى صبر من سبيل!
وأنفذ رسله كرة أخرى فاتفقوا مع الملك على إجراء مراسم الخطبة، عسى أن تفل من غرب هذه الحرب القاسية، أو تبزغ منها تباشير السلام المنشود!
وأعلنت هدنة ليوم أو بعض يوم؛ وأقيم المهرجان الفخم في صميم الحومة الرائعة، وتقدم أخيل فصافح الملك، وأعلنت الخطبة، وانثنى الزعيم العظيم وقلبه يطفر من الفرح، أن أصبحت له بوليكسينا. . .
وما كاد البطل ينقلب إلى جنده، حتى كانت فينوس توسوس إلى باريس أن ينتهز الفرصة العزيزة النادرة، ويريش سهماً من سهامه المسمومة إلى أخيل التي لم تغمرها مياه ستيكس فيصميه. . . فيرديه!!
ووتر باريس قوسه، وأرسل السهم المسموم إلى عقب أخيل فنفذ فيه، وأنفذ فيه قضاء ربات القضاء. . . اللائي فرغن الساعة فقط من غزل خيط حياته، وقطعته أتروبوس الهائلة بمقصها الجبار الفظيع.
وهكذا أنهى باريس الخائن تلك الحياة الحافلة بغدرة سافلة من غدراته التي توشك أن تنتهي!
واستطير الميرميدون! وانقض أوليسيز كالعاصفة ينافح عن جثمان صاحبه، واستطاع أن يستنفذ القتيل العزيز من أيدي أعدائه الجبناء؛ وكان أجاكس العظيم يعاونه في دفع الجموع الحاشدة التي تكاثرت حول الجثة تطمع في عدة فلكان. . .
وانصرف الجيش الحزين يذرف دموعه على أخيل!!
واجتمعوا حول الجثة المضمخة بالطيب وحنط المسك يحرقونها!
ووقفت ذيتيس تلقى على ابنها نظرة الوداع. . . وتذرف عليه عبرة الوداع!!
وكانت ثيابها السود تبكي معها. . . وكانت السماء كلها تذرف شئونها على أخيل. . .
وعرائس البحر ساهمات على شواطئ الهلسبنت الفائض بالدم!