الثورات، وتجار الرقيق وبالشعراء والأدباء، والقتلة واللصوص؛ وشهد بنفسه كثيراً من الحوادث والانقلابات التي وقعت في أنحاء العالم منذ أواخر القرن الماضي؛ ففي سنة ١٨٩٧ شهد الثورة اليونانية في كريت ضد الترك، ودرس الفظائع التركية في البلقان كما درس تجارة الرقيق في أفريقية وشهد في سنة ١٩٠٥ مؤتمر الشباب الروسي لإلغاء عقوبة الإعدام، ورأى فلول الجيش الروسي المنهزم أمام اليابان؛ وعرف تولوستوي وتحدث إليه في منزله الريفي فذكر له إن ما يراه ليس ثورة وليس انقلابا، ولكنه يرى خاتمة عهد مضى؛ وشهد في سنة ١٩٠٧ جهود آني بيزانت ودعايتها في الهند؛ وتجول في ميادين الحرب أثناء الحرب الكبرى، وشهد وقائع الدردنيل، وانسحاب الإنكليز من غاليبولي؛ ثم شهد بعد ذلك الثورة الإرلندية الوطنية، ومؤتمرات الصلح، وشهد احتلال الجنود السود لمناطق الرور في ألمانيا سنة ١٩٢٣، وتجول في بيت المقدس وبغداد، وكتب عن دراساته ومشاهداته مقالات ومذكرات لا نهاية لها.
وقد اخرج مستر نفنتون أخيراً كتاباً ضخماً ضمنه كل هذه المشاهدات والدراسات بعنوان (نار الحياة)؛ وكتبه بأسلوب قوي شائق يمتزج فيه صدق المؤرخ وخيال القصصي، ويمتاز الكتاب بما يطبعه من روح إنساني قوي؛ ذلك إن مستر نفنتون رجل يضطرم فؤاده إنسانية ورحمة، ويجيش ذهنه بأشرف المثل فهو يطري الثورات الوطنية أنى وقعت، ويحمل على سياسة العنف والغصب أياً كانت، وينوه بالحقوق حيثما استحقت، ويندد بكل ما فيه قسوة أو تحامل، وينصر المثل السليمة والإنسانية أياً كان مصدرها، ويعتبر كتابه سجلاً بديعاً لحوادث نصف القرن الماضي.
الإذاعة المدرسية
كان يوم الاثنين الماضي بدء الإذاعة المدرسية التي شرعتها وزارة المعارف في عهد سعادة وزيرها الحالي - لفائدة تلاميذ المدارس. والمشروع جليل يستحق الاحتفال والثناء والشكر لوزير المعارف وكانت أولى المحاضرات بعد كلمة سعادة وزير المعارف في مفتتح الإذاعة، كلمة الأستاذ مهدي علام في:(عتاب بين الأدب العربي والإنجليزي!) ماذا يوحي هذا العنوان؟ أما عندنا، فكنا ننتظر أن نسمع حواراً بديعاً طريفاً بين العربية وأختها، وما اكثر ما يقتضي العتاب بين اللغتين! ولكنا. . . ولكنا لم نسمع إلا قطعتين من نماذج العتاب