مقروناً بصيحة الخطر الأصفر؛ ولما سما شأن اليابان بعد الحرب الكبرى وضاعفت جهودها في سبيل التوسع الاستعماري في الصين، وكشفت عن نيتها في مقاومة النفوذ الأوربي في الشرق الأقصى، مستترة بشعار الجامعة الآسيوية، واستطاعت في الأعوام الأخيرة أن تبسط سيادتها تباعاً على منشوريا وأقاليم أخرى من الصين؛ زادت أوربا شعوراً بما تسميه الخطر الأسيوي، أو الخطر الأصفر إشارة إلى تفوق اليابان أو الجنس الأصفر؛ وما ينذر به من تحطيم النفوذ الأوربي في الشرق الأقصى، والحلول مكان الدولة الأوربية في استعمار الشعوب الآسيوية التي وقعت تحت سيادتها.
وهذه النعرة الجنسية تشتد اليوم في أوربا وتتخذ صوراً محلية إلى جانب صورتها العامة. ففي ألمانيا الهتلرية مثلاً تتخذ نظريات الجنس والسلالة أهمية خاصة، وترتب عليها مزاعم مدهشة، ويبدو أثرها جلياً في اضطهاد اليهود ومطاردتهم بأساليب عنيفة منظمة، وفي الدعوة القوية إلى بغض الأجناس السامية والشرقية واحتقارها واعتبارها أجناساً منحطة لا يليق أن تتبوأ مكانها مستقلة أو حرة، ووجوب إخضاعها واستغلالها بواسطة الشعوب الآرية الأوربية؛ ويزعم هتلر ودعاته أن الجنس الجرماني هو أشرف أجناس الخليقة، وأعظمها في الخواص والخلال، وينكرون على الشعوب السامية والشرقية بوجه عام أنها ساهمت أو تستطيع أن تساهم في إنشاء الحضارة؛ بل يذهبون في غلوهم إلى اعتبار أن اليابان أمة مقلدة لا يصح أن توضع في مصاف الشعوب العظيمة المبتكرة، إلى غير ذلك من المزاعم التي تنم عن تعصب جنسي عميق؛ ونرى مثل هذه الريح الجنسية تعصف بأمم ثانوية مثل بولونيا والمجر ورومانيا، وتتخذ صورتها في اضطهاد اليهود ومطاردتهم. أما الصورة العامة التي تتخذها النعرة الجنسية اليوم في أوربا، فتظهر جلياً في أمرين: الأول صيحة الخطر الأصفر، وذلك لمناسبة توغل اليابان في الصين وتوجس الدول الأوربية من مطامع اليابان وخوفها من انهيار سيادتها الاستعمارية في الشرق الأقصى، وقد أخذت تنهار فعلاً بتخلي روسيا عن مصالحها القديمة في منشوريا؛ والثاني في صيحة البيض والسود التي ذاعت لمناسبة الحرب الحبشية الإيطالية، وقصور إيطاليا في إدراك غايتها الاستعمارية بعد أن لبثت طويلاً تنظم قواها وبعد أن جردت على الحبشة نحو ثلث مليون جندي مجهزين بأحدث الأسلحة والمخترعات المهلكة؛ وهذه الصيحة تشتد اليوم في البيئات