الحريرية
والمروحة بين أصابعها تضغط عليها والألحان المرحة تنتشر من حنجرتها
فتوافقت الموسيقى الصادحة ونغمات البيانة السابحة
لله ما أبهج النفس التي تتمتع برؤية هذه الكاعب ترقص وتزهو!
ثوبها يهتز بنجومه المتلألئة اللازوردية، وعيناها السوداوان النجلاوان تلمعان تحت خمارها الحريري الرقيق لمعان نجمتين تضيئان على جبين الليل من خلف سحابة مظلمة
كل ما كان يكمن فيها كان رقصاً ضحوكاً ومرحاً متوثباً.
ما أشبهها بالطفل! - كنا نبتهج بالنظر إليها في دعتنا الكئيبة؛ لأن القلب لا يجد متعة في الرقص فحسب، فالرماد يعلو حول الألبسة الحريرية
والسأم يظهر وسط اللذائذ السماوية
أما هي فكان الرقص يهيجها ويثيرها، وكانت تحلق - وهي نشوى بنفحات القيثارة الفخور - في فضاء من الحبور، وفي جو من السرور
وكانت الزهور الجميلة، ومصابيح الذهب المتوهجة، وجلبة الأصوات المرتفعة، وضجيج الخطوات المنتقلة، تستهويها وتلذها
ما أسعدها وهي تثب وسط الجمع، كأن مشاعرها تضاعفت وازدادت ونمت!
فلا تدري حينذاك أتتدحرج خلال السحب، أم تصطاد خلال الغاب، أم تطأ بأقدامها أمواج البحار؟
وا حسرتاه! إذا ما قرب انبثاق الفجر وجبت العودة إلى القصر
وهنا تضطر الراقصة الساذجة إلى الوقوف على عتبة الباب منتظرة المعطف
وهنا تحس وهي ترتجف أن نسيم الصباح الندي يلامس كتفها العاري الفضيّ
فيعقب الغد الحزين واليوم الكئيب ليلة الرقص الهائجة!
وداعاً أيتها الرقصات الصبيانية، وداعاً أيتها الزينة؛
أيتها الحفلات الجميلة، أيتها الأغاني العذبة، واللذائذ الحلوة، والعيون المشرقة!
فلقد خلفتكنّ جميعاً عيون منطفئة، وأدواء معضلة
- ٤ -