ماتت فتاتنا - وما جاوزت ربيع الخامسة عشرة من عمرها!
ماتت في وفرة شبابها، وروعة جمالها، بين نظرات تعبدها، وعيون تقدسها
ماتت على أثر خروجها من حفلة راقصة، فتفتت أكبادنا حسرة عليها؛ ولبسنا لباس الحداد من أجلها
ماتت وا أسفاه! بين ذراعي أم ضاع صوابها وغاب رشادها،
لم يرحمها الموت فانتزعها انتزاعاً بيديه الباردتين لكي يضعها في القبر، وهي ما تزال في أهبة لحضور حفلات تالية
لله ما أسرع الموت في اختطاف تماثيل الجمال!
أما تلك الزهور التي كانت تزين بالأمس رأسها، وتتفتح أكمامها على صدرها، فلقد ذبلت في الرمس، قبل أن تنشد فتاتنا نشيد الهوى والعرس
- ٥ -
وا رحمة لأمها التاعسة! إنها تجهل حظها العاثر
تلك الأم التي أضمرت لابنتها من الحب والحنان شيئاً عظيماً؛
ألم ترع طفولتها الشاكية الحزينة؟
ألم تقض لياليها ساهرة تهدهد لها المهد لتغفو وتنام؟
رحماك رب! لم يفدها ذلك.
فالفتاة ماتت، وهي ترقد الآن في تابوتها القاتم شاحبة اللون، كاسفة الوجه، فريسة للحشرات والديدان
فإذا ما أيقظتها في ليلة جميلة من ليالي الشتاء حفلة خاصة بالموتى، تقدم إليها - ليتولى أمر زينتها - شبح رهيب ذو ضحكة مروعة
فيقول لها: هلمي حان وقت الرقص!
ويطبع على شفتها البنفسجية قبلة باردة جليدية، ويمر أصابعه العقداء، أصابع هيكل عظمي، على خصلات شعرها الطويلة المتموجة، ثم يسوقها مرتجفة مهتزة، إلى الرقص النادب المشؤوم، إلى تلك الموسيقى الجوية المتصاعدة في الظلام، حيث يكون القمر في